الرئيسة/  مقالات وتحليلات

العقلية الاستعمارية الأوربية صانعة "الهولوكوست" 1 و2

نشر بتاريخ: 2020-01-22 الساعة: 10:33

بكر أبوبكر لا يخفى على احد أن المنتصر هو من يكتب التاريخ، وبالضرورة يحاول المنتصر الجشع أن يقلّل من شأن المهزوم وإلصاق كل الصفات الشنيعة فيه، وفي المقابل يحاول أن يعظّم من خطره فيبالغ ويزيد ويكذب ويخلط الحابل بالنابل فيصنع الأسطورة والخرافة،  او العظمة كما يتصورها وإن كانت مزيفة.  

وفي المقابل فإن المهزوم ذاته، حين لا يتعلم ولا يعترف بالهزيمة، ولغرض إنكار الضعف وإظهاره بمنطق البلاء الرباني، وإظهار الهزيمة بمنطق البطولة فإنه يصنع الأعاجيب من مديح لذاته حتى وسنابك الخيل تعيث بالديار فسادا.

 وهذا ما كان من شأن كهنة التوراة حينما خطّوا التاريخ الذي لا يمت لهم بصلة لينسبوا الكثير منه لهم أي -لقبيلة بني إسرائيل العربية القديمة المندثرة- وما صدقوا، فما بالك وهو يضفون على الاحداث اللمسات الدينية! فيصبح التاريخ مقدسًا لمجرد أنهم كتبوه! ويختلط الدين ككتاب حكمة مع التاريخ القابل للاخذ والرد ومناهج البحث العلمي والآثاري.

وحديثا تصنع كثير من الدول أساطيرها فتضفي البطولة على أشخاص هم متوحشين بالتاريخ كما الحال مع هولاكو الذي تقدره أمته، وهو عندنا ليس الا قاتل ومجرم. وكذلك الأمر مع جودفري (جودفروا) الذي احتل القدس فترة الغزو الافرنجي (الصليبي) فهو مستعمر ومحتل وعند قومه بطل واول حاكم للقدس!

 وكما الحال أيضا مع كافة الغزاة الاستعماريين الغربيين الذين يحاولون صناعة تاريخ أبيض من ماضيهم الأسود الذي قاموا من خلاله بإضطهاد اليهود الأوربين والروس في مذابح يندى لها الجبين، وكما فعلوا سابقا مع مخالفيهم في المذهب وما لحق ذلك مع كافة الشعوب الأصلانية في البلدان التي استعمروها قسرا.

حديثا وخلال أيام ستلتقي الدول الاستعمارية صانعة البغضاء والاحتلال والقتل والدمار ونهب ثروات الشعوب والتطهير العرقي لتعبر عن ندمها لما وقع  ليهود أوربا وخاصة ألمانيا من مذابح أو عدوان أوغيره من إساءات لم يكن هتلر فقط الباديء فيها، بل العقلية الاستعمارية الغربية برمتها ضد المسلمين واليهود والمختلفين مذهبيا من المسيحيين.

 

المنتصر الغربي الاوربي يحقّر المهزوم سواء كانت ألمانيا،أم اليهود، أم الدول العربية حين وقوعها تحت الاحتلال المباشر الذي كذب وقتل واحتل واستغل فصنع لنفسه أسطورة المستعمر اللطيف لشعوب غبية ومتخلفة! فصنع في هذه البلاد (المهزومة) كل الفساد الذي على رأسه التهجير ليهود أوربا وروسيا خاصة الى فلسطين.

يجتمع الأوربيون المنتصرون في الحرب الأوربية المسماة العالمية الثانية ليعلنوا الندم على أفعالهم الاستعمارية الشنيعة بحق اليهود، ولكنهم بذات الوقت يضعون أيديهم بيد الوحش الارهابي الجديد الذي صنعوه، وهو دولة العدوان الصهيوني دولة الاحتلال التي لم يقيموها في أرضهم وأرض يهودها أي في أوربا ليكفروا عن خطاياهم حيث حصل الاضطهاد وإنما أقاموها في أرضنا نحن تحت حجج استعمارية ساقطة، وبغلاف ديني واهي حيث أسقطته حقائق الأرض.

هم كتبوا التاريخ وكذبوا بجشعهم العنصري العرقي، كما كذب كهنة التوراة، وهم أوجدوا رموزا بلا مضامين وأساطير ليتحللوا من التزاماتهم كما الحال من التزاماتهم بحق مواطنيهم من اليهود، إذ بدلا من أن يحترموهم في بلادهم في أوربا وروسيا اعتبروهم قمامة يجب التخلص منها.

كانت الكارثة في الحرب العالمية (هي الاوربية بالحقيقة) الاولى ثم الثانية أن سقط ملايين الضحايا وكان منهم يهود أوربا (ومنها روسيا) (في الأولى سقط 20 مليون ضحية، وفي الثانية 50 مليون ضحية) فكان كارثة و هولوكوست العالم وهولوكوست يهود أوربا ثم كانت كارثة وهولوكوست فلسطين منذ دخول الجنرال اللنبي الى فلسطين حاملا ورقة بلفورالصفراء.

عندما فكر المستعمرون الأوربيون بالتكفير عن ذنوبهم الكثيرة بحق مواطنيهم من اليهود لم يفكروا باحتضانهم ولا باحترامهم بل فكروا باحتقارهم أكثر وأكثر عبر طردهم من بلادهم في أوربا ومن روسيا الى كينيا أو أوغندا أو الأرجنتين أو الى ليبيا أو فلسطين فهل هذا هو العدل والبطولة أم هي عقلية التطهير العرقي والعنصرية والاستعمار؟؟

عندما تعددت خيارات التخلص الاوربي من يهودهم يهود أوربا وروسيا كان الهدف بعيدا عنهم، ولأهداف استعمارية بحتة وإن غلفت بخرافات دينية أو مطامع صهيونية لاحقة كانت بلادنا فلسطين التي هي لنا عبر كافة حضاراتنا التي استقرت بها.

الاستعمارالأوربي الذي يصنع أساطيره مازال يعبد هذه الأساطير ولا يرتدع.

يلتقى اليوم في (منتدى الهولوكوست الدولي) العقلية الاستعمارية الممالئة للشر، الخائنة للانسانية، والداعمة لدولة الإرهاب الاسرائيلي وللاحتلال، ولنكبة فلسطين ولهولوكوست فلسطين2 وكأن الدم الازرق الاوربي هو فقط الذي يستحق الاحتفاء به.

anw
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024