" نكتب للتاريخ " روّاد النهضة في فلسطين
نشر بتاريخ: 2021-10-14 الساعة: 09:51موفق مطر
مع بداية انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في فاتح العام 1965 ، وابتداء مرحلة الكفاح المسلح المنظم انتشر شعار " بالدم نكتب لفلسطين " ، شعار أو مقولة اوحت بها تضحيات الفدائيين الفلسطينيين والعرب في ميادين المعارك الحقيقية النوعية آنذاك وليس الاستثمارية ، وللاستغلال في عملية تشكيك وتخوين منظمة لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية .
كان المناضل المقاتل ( الفدائي ) يكتب لفلسطين بأسلوب لا يمكن القول أنه كان جديدا على الشعب الفلسطيني والأمة العربية ، فأساليب الثورات الشعبية كان سائدا في فلسطين وفي الأقطار العربية التي وطأتها جيوش المستعمرين ، لكن الصورة والمضمون الفكري للثورة من مبادئ وأهداف ، وعملية دمج الشعب الفلسطيني اينما وجد في بوتقة العمل الثوري الكفاحي النضالي ، وتاسيس ذلك عبر تنظيم حديدي قوي ابتدأ بمرحلة سرية ، ثم خرج للعلن بعد معركة الكرامة في آذار 1968 جعل اسلوب العمليات الفدائية ضد المستعمر الصهيوني الاحتلالي العنصري اينما وجد على ارض وطن الشعب الفلسطيني (فلسطين المحتلة ) ، في عمقها كما على مواقع الاحتلال على حدودها مع الدول العربية الشقيقة مستحدثا بعد الاستفادة من عبر التجارب السابقة .
لم نعرف معنى مرحلة الطفولة ، وتجاوزنا مراحل الفتوة والمراهقة التي يعيشها عادة الشباب ، وكذلك فعل فدائيون سبقونا اختاروا درب العمل من اجل الوطن رغم خطر الموت الكامن عند كل خطوة ، وقد كان لنا شرف تلقي دورات عسكرية كافية لأن تجعل العضو في التنظيم جاهزا لأخذ دور ما في سياق الاستمرار بالثورة وحماية جماهيرها ، وما كان لنا أن نكون كذلك لولا همة وعطاء وخبرة مناضلين فدائيين مثقفين كان لهم شرف تهيئة أعضاء أصبحوا رواداً وقادة في ذروة الهرم التنظيمي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني وأطرها القيادية ، لكن لم يخطر ببالنا أن الذي دربنا قبل خمسين عاما بالتمام والكمال في معسكر بلدة مصياف التابعة لمحافظة حماه في سوريا الشقيقة سيكون هو نفسه المناضل جهاد صالح مؤلف موسوعة :" روّاد النهضة الفكرية والأدبية وأعلامها في فلسطين " ومؤلف سلسلة :" الرواد المقدسيون في الحياة الفكرية والأدبية في فلسطين "خمسون جزءا التي ضمها الى الموسوعة التي صدر منها تسعة أجزاء حتى الآن وتؤرخ رواد النهضة في فلسطين منذ العام 1830 الى العام 1930 ، فيما يقدر المؤلف أن تسعة أجزاء أخرى ستكون مشروعه لاستكمال الموسوعة ولكن لفترة من العام 1930 الى عام النكبة 1948
الفدائي المناضل جهاد صالح الذي يعرفه المناضلون القدامى ، ويعرفه المثقفون الفلسطينييون والعرب في الوطن وخارجه كتب عشرات آلاف الصفحات ومازال يكتب رغم تسلل الكورونا الى جسده ، له أكثر من ثلاثيين مؤلفا وعنوانا في مجالات أدبية وتاريخية محورها فلسطين الوطن ، والشخصية والهوية الثقافية للشعب الفلسطيني ، كما كتب أبحاثا ودراسات في الصحف والمجلات المتخصصة الفلسطينية والعربية ، ونال جوائز من مؤسسات فلسطينية وعربية وأجنبية تكريما وتقديرا لأعماله التي ترجم بعضها إلى عدد من اللغات الأجنبية. كما كتب مسلسلات إذاعية وتلفزيونية ،منها : " حكايات أبو أحمد" (30 حلقة) لإذاعات منظمة التحرير الفلسطينية:في بيروت، الجزائر، اليمن، بغداد في العام 1989أخرجه خالد مسمار.
ومسلسل تلفزيوني "الصرخة" (15 حلقة) انتجه التلفزيون الأردني بدعم من منظمة الصحة العالمية ،ومسلسل درامي "الرّواد" انتجه ويبثه تلفزيون فلسطيني (180 حلقة، كل حلقة عشرة دقائق) .
قد لا يكون يوم ميلاد جهاد صالح صدفة ، فالدنيا سمعت صوت اول صرخة في حياته في ذات يوم النكبة الفلسطينية 15- ايار 1948 ، واسمع العالم صوت الثائر الفلسطيني كفدائي عندما ولج مدرسة الكفاح المسلح ، ويبعث منذ عقود برسائل للعالم ، يكتبها بروح المناضل في سلك الثقافة والأدب ، وهدفه كما اعلم وباليقين تعزيز الفخر والاعتزاز بالهوية والوطنية ، وتثبيت الرواية الفلسطينية في الذاكرة الفردية والجمعية للجمهورين الفلسطيني والعربي ، باعتبارها الفعل الوجداني والتأريخي والثقافي المساند لعمليات نقض وتفكيك الخرافة الصهيونية ، فالرواد في فلسطين قبل حوالي مئة وخمسين عاما قبل النكبة كانوا بسماتهم وعطائهم ومساهماتهم في تشكيل كينونة الشعب الفلسطيني الحضارية ، مثل المعالم الجغرافية والروحية والتاريخية .
الفدائي مناضل ، والمناضل بالقلم فدائي أيضا ، ولا غرابة أن يكون المناضل بالقلم هو ذاته الفدائي الفلسطيني الذي أرهص عبر مسارات الثورة والتحرير والتحرر في إرساء قواعد الدولة ، ويبقى علينا دائما التذكر أن أدب الأسرى دليل آخر على تلازم الكفاحي النضالي والثقافي ، ولنا في قادم الأيام هنا وقفة ... فنحن شعب خلقنا في رحم التاريخ، لذلك نكتب بالوفاء له ، ولا نكتبه كما قال الرئيس أبو مازن .
m.a