"الخان الأحمر" إلى الواجهة من جديد
نشر بتاريخ: 2023-01-22 الساعة: 13:24
اعلام فتح /عن وفا- منذ 13 عاماً، يعيش زهاء 200 مواطن فلسطيني، أكثر من نصفهم من الأطفال خطر هدم مساكنهم وترحيلهم عن أرضهم ومصدر رزقهم في قرية الخان الأحمر، الواقعة على بعد 15 كم شرقي القدس المحتلة.
وتجددت مخاوف الأهالي بعد إعلان وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير، أمس، أنه سيطلب إخلاء القرية بشكل فوري، خلال جلسة حكومته التي ستعقد اليوم الأحد.
وتعود أصول أهالي القرية لقبيلة الجهالين البدوية، التي طُردت على يد عصابات الاحتلال الصهيونية من النقب الفلسطيني عام 1952.
واحتُلّت قرية الخان الأحمر عام 1967، وكانت واحدة من 46 تجمعًا بدويًا فلسطينيًا في الضفة الغربية المحتلة، وأقيمت على أراضيها عام 1977 مستوطنة "معاليه أدوميم"، وهي ثاني أكبر مستوطنة في الضفة الغربية، والتي شكلت أول محطة في التضييق على بدو القدس.
المضايقات تضاعفت عام 2000 بتقييد حركة عرب الجهالين، وعدم السماح لمن لا يسكن في منطقة الخان الأحمر بدخولها وإن كان من العشيرة ذاتها بعد رسم خرائط وتحديد مساحات ضيقة للسكان للتحرك فيها وبما لا يتناسب مع حياة البداوة.
وفي مارس/آذار 2010، صدر أول قرار عما تسمى "الإدارة المدنية" بهدم كافة المنشآت في الخان الأحمر، ولجأ الاهالي إلى محاكم الاحتلال للالتماس ضد القرار على مدار سنوات، وكان يتم خلالها الحصول على قرارات تأجيل للهدم.
في أيار/مايو 2018، قررت سلطات الاحتلال هدم القرية وتهجير سكانها، ولكنها فشلت بسبب الصمود الأسطوري لهم، وأيضا بسبب صدور قرار من الجنائية الدولية، حذر الحكومة الإسرائيلية من القيام بتهجير أو هدم القرية، والتجمعات المحيطة بها في المنطقة التي تسمى (E1)، واعتبرت ذلك بمثابة "جريمة حرب"، إضافة إلى الجهد الدبلوماسي والموقف الدولي الكبير الداعم لبقاء الفلسطينيين في أراضيهم، وأيضا الموقف الحاسم من الأهالي أنفسهم الرافض للتعاطي مع أية حلول، دون البقاء، والاعتراف بالقرية.
المحكمة المذكورة، قررت بتاريخ 5 أيلول/ سبتمبر 2018، إخلاء القرية، وأمهلت الأهالي أسبوعًا واحدًا لإخلائها، بعد رفضها التماسات قُدّمت منهم ضدّ القرار.
وبتاريخ 23 أيلول/ سبتمبر، سلّمت سلطات الاحتلال، الأهالي أوامر هدم ذاتي، أمهلتهم حتى مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2018 لتنفيذها، قبل أن تقوم بذلك جرافات الاحتلال وآلياته.
ورفض سكان التجمع أكثر من مرة المقترحات التي قدمتها سلطات الاحتلال، والرامية لنقل مواطني "الخان الأحمر" طوعاً إلى مواقع، أحدها لا يبعد سوى عشرات الأمتار عن الموقع الحالي.
ونظرت محاكم الاحتلال خلال تسع سنوات في العشرات من الدعاوى والالتماسات التي قدمها أهالي القرية رفضاً لإخلائهم وتهجيرهم.
وطيلة أربعة شهور، شكلت خيمة التضامن في الخان الأحمر مقرا لمئات الناشطين الفلسطينيين والمتضامنين الأجانب، الذين تصدوا أكثر من مرة لمحاولات إخلاء التجمع وهدمه.
وأحبط التواجد الدائم في الخيمة، التي أقامتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، عدة محاولات أقدم عليها جيش الاحتلال لاقتحام التجمع، ما أدى إلى وقوع مواجهات وتصادمات واعتقالات.
وصدر عن المحكمة العليا الإسرائيلية قراران بهدم مساكن التجمع ومنشآته، في نيسان/ أبريل، وأيلول/ سبتمبر 2018.
ويقع الخان الأحمر ضمن الأراضي التي تستهدفها سلطات الاحتلال لتنفيذ مشروع "E1" الاستيطاني، الهادف للسيطرة على 12 ألف دونم ممتدة من أراضي القدس الشرقية حتى البحر الميت، وتفريغ المنطقة من أي تواجد فلسطيني، كجزء من مشروع فصل جنوب الضفة عن وسطها.
وتمثل قرية الخان الأحمر البوابة الشرقية للقدس المحتلة، وإفشال المخطط الاستيطاني يعني إفشال تقسيم الضفة الغربية لكانتونات، كما تفيد هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
وفي تموز/ يوليو 2018، قرر مجلس الوزراء الفلسطيني المصادقة على توصية وزير الحكم المحلي بإحداث هيئة محلية باسم "قرية الخان الأحمر" تتبع محافظة القدس، وتكليف الوزير بتعيين لجنة لإدارة المجلس القروي، وتحديد حدود الهيئة المحلية.
وجاء هذا القرار في إطار دعم أهالي الخان الأحمر، وتوفير كل ما يلزم لتعزيز صمودهم وثباتهم على أرض وطنهم، ورفض جريمة التطهير العرقي العنصرية التي تقودها حكومة الاحتلال في محاولة تهجير أهالي قرية الخان الأحمر، بهدف تنفيذ المخطط الاستيطاني الكبير والمعروف بـ"E1".
وأعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تموز/يوليو 2018، عن القلق البالغ بشأن توجه إسرائيل لهدم الخان الأحمر.
وطالب السلطات الإسرائيلية بعدم المضي قدما في خطط تدمير الخان الأحمر، واحترام حقوق سكانه في البقاء في أرضهم، والعمل لأن يكون وضعهم نظاميا.
وذكر المكتب في بيان: "أن أي أعمال هدم تتم في هذا السياق، من المرجح أن تصنف بأنها إجلاء قسري وانتهاك للحق في السكن. كما يحظر القانون الإنساني الدولي قيام قوة الاحتلال بتدمير أو الاستيلاء على الممتلكات الخاصة".
وأعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ أيضا من أن يؤدي تدمير التجمع إلى النقل القسري لسكانه من قبل القوة المحتلة، بما يشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي الذي يحظر النقل الإجباري لسكان أرض محتلة، بغض النظر عن الدافع.
كما دعا الاتحاد الأوروبي في أيلول/ سبتمبر، سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى إعادة النظر في قرار هدم قرية الخان الأحمر، شرق مدينة القدس المحتلة.
وحذر الاتحاد الأوروبي، في بيان صادر عن مفوضة الشؤون الخارجية فدريكا موغريني، من "عواقب وخيمة لقرار هدم الخان الأحمر، وتهجير العائلات المقيمة فيه، وأن هذا القرار سيؤثر بشكل كبير على حل الدولتين ويقوض آفاق السلام".
كما أدانت جامعة الدول العربية، قرار هدم قرية الخان الأحمر شرق مدينة القدس المحتلة، واعتبرت القرار بمثابة جريمة حرب وانتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني وجميع القوانين والأعراف الدولية.
مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2018، وصفت منظمة العفو الدولية "أمنستي" تهجير أهالي الخان الأحمر بأنها جريمة حرب، وطالبت منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية بعدم إعطاء الضوء الأخضر لارتكاب جرائم، لأن العالم يشاهد، حسب تعبيرها.
وفي الشهر ذاته، اعتبرت المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، إن عمليات إخلاء أهالي الخان الأحمر، وتدمير الممتلكات وإلحاق الضرر بها "دون ضرورة عسكرية"، يمثل جرائم حرب وفقا لنظام روما الأساسي "المعاهدة المؤسـسة للمحكمة الجنائية الدولية".
وأكدت أنها لن تتردد في اتخاذ أي إجراء مناسب، في حدود ممارستها لولايتها، بموجب النظام وباستقلالية وتجرد.
وأمام صلابة موقف الدفاع على الأرض الذي جسدته المقاومة الشعبية، وتحت وطأة التهديدات القانونية والمواقف الدبلوماسية العربية والدولية، أعلنت الحكومة الإسرائيلية إرجاء إخلاء وهدم قرية خان الأحمر.
وصوت المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينيت"، في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، على مقترح رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، تأجيل هدم الخان الأحمر، بداعي إعطاء الفرصة لـ"مفاوضات تهدف إلى تنظيم قضية إخلاء التجمع السكني بالتوافق".
وخلال الساعات الماضية، أعلن وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير، أنه سيطلب إخلاء قرية الخان الأحمر، شرق القدس المحتلة، بشكل فوري خلال جلسة الحكومة التي ستعقد اليوم الأحد.
ويتوعد بن غفير بإخلاء الخان الأحمر عقب إخلاء بؤرة استيطانية أقامها مستوطنون بينهم حفيد الحاخام دروكمان على أراضي قرية "جوريش" جنوب شرق نابلس.
وقدم عضو الكنيست عن حزب "الليكود"، داني دانون، يوم الإثنين الماضي، طلباً بتفعيل قرار المحكمة العليا بهدم الخان الأحمر، وذلك خلال جلسة للحزب، فرد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بالقول إن الرد على تأجيل إخلاء القرية سيتم بعد جلسة مشتركة لوزراء الحكومة بهذا الخصوص.
ويقع الخان الأحمر ضمن الأراضي التي تستهدفها سلطات الاحتلال، لتنفيذ مشروعها الاستيطاني المسمى"E1"، عبر الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية الممتدة من شرقي القدس وحتى البحر الميت، والهادف إلى تفريغ المنطقة من أي تواجد فلسطيني، كجزء من مشروع لفصل جنوب الضفة الغربية عن وسطها، وعزل مدينة القدس المحتلة عن باقي الضفة.
وقد كان الخان الأحمر عبارة عن بناء عثماني من القرن الـ16، وكان مزاراً للتجار على هذا الطريق القديم الذي يربط ضفتي نهر الأردن حيث كانوا يتوقفون للاستراحة وإطعام الخيول.
تضمّ قرية الخان الأحمر حاليا مدرسة وحيدة، أقيمت عام 2009، بالتعاون مع منظمة مساعدات إيطالية "Vento Di Terra" من مواد الطين والإطارات؛ بسبب قيود الاحتلال على البناء الإسمنتي أو الكرفانات في المنطقة. وأصدر الاحتلال عدّة قرارات بهدمها، رغم أنّها تخدم 5 تجمّعات سكنية مجاورة.
وتحيط بالخان الأحمر مستوطنتا "معاليه أدوميم" و"كفار أدوميم"، وتسعى إسرائيل لتوسيعهما وتنفيذ المشروع الاستيطانيE1، والذي يقضي على خيار قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا، كما سيبتلع أجزاء واسعة من مناطق "ج" الممتدة على أكثر من 60% من مساحة الضفة.
ووفقا لبيانات أصدرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا) عام 2017، فإن 46 تجمعا بدويا ستكون معرّضة لخطر الترحيل القسري وسط الضفة الغربية.
ويقع 26 تجمعا منها في محافظة القدس، ويسكنها وفقا لمكتب الأمم المتحدة 4856 بدويا يواجهون ظروفا معيشية قاسية على صعيد الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء، إضافة إلى صعوبة الوصول للمراكز التعليمية والصحية.
وستكون تجمعات القدس البدوية التي تقع داخل نطاق ما يسمى مشروع "إي1″ الاستيطاني وعددها 13 تجمعا، على جدول الإخلاء بالإضافة إلى 12 تجمعا تقع بمحاذاة هذا المشروع الضخم الذي يعد جزءا من مخطط إسرائيل المعروف بـ"القدس الكبرى".
mat