"دمار ورماد وموت"...شهادات مروّعة من مجزرة رفح ونزوح مليون مواطن من رفح خلال 3 اسابيع
نشر بتاريخ: 2024-05-28 الساعة: 13:53
"دمار ورماد وموت"...شهادات مروّعة من مجزرة رفح
اعلام فتح / من وفا - في مخيم النازحين في رفح الذي تعرّض لمجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، الليلة الماضية، كان مواطنون ينظرون بصدمة إلى بيوت الصفيح والخيام المتفحمة، والدمار وآثار الدماء.
وكانت طائرات الاحتلال، قد قصفت النازحين في مخيم نزوح أُنشئ حديثا قرب مخازن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في حي تل السلطان شمال غرب رفح، ما أسفر عن استشهاد 45 مواطنا، بينهم 23 من النساء والأطفال وكبار السن، وإصابة 249 آخرين.
ويقع المخيم ضمن مناطق حددتها قوات الاحتلال مسبقا على أنها آمنة، ودعت النازحين إلى التوجه إليها، ولم يصدر أي بيانات أو تحذيرات للنازحين وسكان المنطقة لإخلائها.
وقال الشاب محمد حمد (24 عاما): "لم يصب الناس أو يقتلوا فحسب، بل تفحموا".
وأضاف "ابنة ابن عمي، طفلة لا تتجاوز 13 عاما كانت بين الشهداء. لم تبق لها ملامح على الإطلاق لأن الشظايا فتتت رأسها".
وتسبّبت الغارات الإسرائيلية في نشوب حريق في المخيم، ما أدّى إلى تحويل الخيام والملاجئ إلى رماد.
وأظهرت لقطات نشرتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني مشاهد ليلية لمسعفين في سيارات إسعاف وهم يهرعون إلى موقع المجزرة ويقومون بإجلاء الجرحى، وبينهم أطفال.
كانت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية المسيرة أو "الزنانات" تحلّق الاثنين فوق المخيم المحترق الذي لم يبق منه سوى صفائح معدنية سوداء وألواح وأوتاد متفحمة. وبدت آثار دماء على بعض ألواح الصفيح.
وقال حمد: عندما تسقط هذه الصواريخ على برج يكون هناك عشرات الشهداء، فكيف عندما يكونون في خيام؟
وروى مواطن آخر قدّم نفسه باسم مهند شهد الحادث لوكالة فرانس برس "عندما سمعنا صوت الانفجار، أضاءت السماء فجأة".
وقال أحد طواقم الإسعاف والإنقاذ عقب مشاركته في إخماد الحريق: "هناك جثامين متفحمة بفعل الحروق، ويوجد طفل مقطوع رأسه"، مشيرا إلى أن مسببات الحريق "استخدام أسلحة تنتج عنها درجة حرارة تزيد عن سبعة آلاف درجة مئوية تصهر جسد الإنسان وتحرق الأخشاب المتواجدة في خيام وغرف النازحين".
وأضاف أن "عمليات الإنقاذ انتهت الليلة الماضية، فيما استمرت جهود إخماد الحريق لمدة 45 دقيقة"، مضيفا أن نقص الوقود وشح المياه جعلا مكافحة الحريق صعبة.
وأشار الى أن بين الإصابات "جرحى مبتوري الأطراف"، وبين الشهداء "أطفال ونساء وكبار في السن".
في عيادة تل السلطان في رفح، جُمعت الجثث، ورُسم سهم يشير الى المشرحة كتب عليه بالانجليزية "بلاك زون" (منطقة سوداء). وجلس رجال القرفصاء من مختلف الأعمار ينتحبون بصوت عال.
وقال أحدهم "لم يكن لدي غيرها". بينما قال آخر أمام كفن آخر، "ليتني كنت معك يا أخي يا حبيبي". وقال رجل وهو يبكي "جهزنا للطفل الجديد. ذهبت والطفل معها".
في المشرحة، وضعت الجثث بأكياس بيضاء كتب على بعضها "إمرأة"، "طفل"، "مجهول"، أو "إمرأة مجهولة".
كانت نساء في المكان يبكين ويعزين بعضهن البعض. في شاحنة صغيرة في الخارج، وضعت جثث فوق بعضها البعض.
وقال المواطن محمد حمد "من ضمن المشاهد التي رأيتها أم قدمها مقطوعة تبحث عن أولادها، المشهد مؤلم لا يتخيله عقل معظم الشهداء أطفال ونساء ولا يوجد اي مستشفى برفح إلا المستشفيات الميدانية".
وأضاف: "المشهد صعب. للمرة الأولى، أشاهد مجزرة بهذا الحجم... مقطعين وأشلاء ومحروقين. طوال الليل لم أستطع النوم من الكوابيس التي رافقتي".
ولفت الى أن المجزرة جاءت "بعد قرار محكمة العدل الدولية بوقف الحرب والعملية العسكرية في رفح. لكن ما الجدوى؟ كالعادة لا شيء يوقف إسرائيل".
والجمعة، أصدرت محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، أوامر، لإسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بوقف فوري لعملياتها العسكرية في محافظة رفح، وضرورة المحافظة على فتح معبر رفح، لتمكين دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
ويقول المواطنون في المكان إنهم لجأوا إلى هذه المنطقة بعد أن طلب منهم جيش الاحتلال الإسرائيلي إخلاء منازلهم في أمكنة أخرى من رفح.
وقال المواطن أبو محمد النازح من شمال غزة قبل خمسة أشهر الى رفح، "ألقوا منشورات تطالبنا بالذهاب إلى المنطقة الإنسانية في تل السلطان، فامتثلنا وجئنا إلى هنا".
وأضاف "بالأمس، بينما كنت أتناول العشاء، شعرت فجأة وكأنه زلزال. اهتزّت الأرض بعنف".
وقال المواطن محمد أبو قمر (27 عاما) النازح من شمال قطاع غزة "جئنا إلى المنطقة الآمنة كما ادعى الاحتلال، فتمّ قصف المكان الآمن بصواريخ حربية".
وأضاف: "اشتعل الحريق في المكان واحترق الأطفال والنساء والشيوخ... كلّ يوم في غزة، نعيش محرقة ومجزرة جديدة".
ومنذ 6 أيار/ مايو الجاري، تشن إسرائيل هجوما بريا على رفح، واحتلت في اليوم التالي الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري، ومنعت تدفق المساعدات الإنسانية وخروج المرضى والجرحى لتلقي العلاج.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ما أسفر عن استشهاد 36050 مواطنا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 81026 آخرين، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.
"الأونروا": مليون مواطن نزحوا قسرا من رفح خلال 3 اسابيع
اعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إن مليون مواطن اضطروا إلى النزوح من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة خلال الأسابيع الـ3 الماضية، جراء العدوان الإسرائيلي والقصف العنيف على المدينة.
وأضافت الوكالة عبر حسابها بمنصة "إكس"، اليوم الثلاثاء، أن نحو مليون شخص نزحوا من رفح خلال الأسابيع الـ3 الماضية رغم عدم وجود مكان آمن للذهاب إليه، وسط القصف الإسرائيلي.
وأشارت إلى أن نقص الغذاء والماء، وتكدس أكوام النفايات، والظروف المعيشية غير المناسبة، يجعل تقديم المساعدة شبه مستحيل يوما بعد يوم.
وتأتي موجة النزوح فيما وسع جيش الاحتلال توغله في رفح فجر الثلاثاء، ليصبح على بعد 3 كيلومترات من شاطئ البحر، ويقترب من عزل القطاع جغرافيا عن الأراضي المصرية.
وتزامنا مع توغله، استشهد 16 مواطنا بقصف على رفح، 7 منهم في استهداف جديد لخيام نازحين في حي تل السلطان شمال غرب المدينة، بعد استشهاد 45 مواطنا مساء الأحد، بقصفه المنطقة ذاتها التي زعم الاحتلال أنها "آمنة" ويمكن النزوح إليها.
وفي 6 مايو/ أيار الجاري، أعلن جيش الاحتلال بدء عملية عسكرية في رفح متجاهلا تحذيرات دولية بشأن تداعيات ذلك، وسيطر في اليوم التالي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.
وبموافقة 13 من أعضائها مقابل رفض عضوين، أصدرت محكمة العدل الدولية، الجمعة، تدابير مؤقتة جديدة تطالب إسرائيل بأن توقف فورا هجومها على رفح، وتحافظ على فتح معبر رفح لتسهيل إدخال المساعدات لغزة"، وتقدم تقريرا للمحكمة خلال شهر عن الخطوات التي اتخذتها في هذا الصدد.
وجاءت هذه التدابير الجديدة من المحكمة، التي تعد أعلى هيئة قضائية بالأمم المتحدة، استجابة لطلب من جنوب إفريقيا ضمن دعوى شاملة رفعتها بريتوريا نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2023، وتتهم فيها حكومة الاحتلال الاسرائيلي بـارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة.
mat