الرئيسة/  مقالات وتحليلات

عدالة الأمم الحضارية تطال مجرمي حرب تقنعوا بالديمقراطية

نشر بتاريخ: 2024-11-25 الساعة: 15:36

 

 موفق مطر


قرار المحكمة الجنائية الدولية اصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس حكومة (اسرائيل) ووزير الحرب السابق في حكومته يوآف غالانت، أسقط والى الأبد قناع (ديمقراطية اسرائيل)، وأبرز الوجه الحقيقي لمنظومة الاحتلال والاستعمار الصهيونية العنصرية، كما وجه ضربة قاتلة لخطاب نتنياهو السياسي الموجه لأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، فهذا قد قال وكتب كثيرا: "إن اسرائيل تدافع عن قيم الغرب الحضارية"!!

فالدكتاتورية هي المصنع الأصلي لمجرمي الحرب، ومرتكبي الجرائم ضد الانسانية، وقد يكون ظهور الدكتاتور على عكس الصورة النمطية المعروفة بالعالم، اخطر انواع الدكتاتوريات، والأنظمة العنصرية، التي تهدر حقوق وروح ونفس الانسان المقدسة، وتشرعن الردع بلا حدود، فترتكب جريمة الابادة، وتبررها بما لا يقبله ولا يصدقه عاقل، فحكومة الدولة القائمة بالاحتلال والاستعمار الاستيطاني (اسرائيل) على رأسها نتنياهو باتت – بعد قرار الجنائية الدولية – مطلوبة ليس للعدالة الأممية وحسب، بل للإجابة على السؤال الأهم: عن أي حضارة غربية يتحدث نتنياهو؟! هل يقصد المعاصرة، وهو بهذا الخطاب لا يمدحها بل يتهمها، ما دام مصرا على اعتبار جرائمه انعكاسا للحضارة الغربية، لكنا بقراءة عقله الباطني، يمكننا الاستنتاج، أنه يتغنى بأسوأ الحروب، وجرائم الابادة التي ارتكبت في أوروبا خلال العقود القريبة الماضية.

وقد يفهم نتنياهو الآن، أن للحضارة الانسانية معيارا دقيقا، وهو احترام حقوق الانسان بالحياة والحرية والاستقلال والسيادة، باعتبارها مقدسات، ومن هذا المعيار تتفرع عنه كل المقاييس الأخرى، لقياس نقاء الديمقراطية من الأفعال والأعمال المتناقضة معها، فحاكم الدولة الديمقراطية المطبق لمبادئها وقيمها لا يسقط في دائرة الهمجية التي تحوله لمجرم حرب، ومجرما ضد الانسانية، أما العنصري المتخفي بقناعها، والمستتر بمظاهر معينة من سلوكيات الديمقراطية، فسرعان ما تنكشف اصوله، وبنيته، وتنفضح مفاهيمه المخالفة منطقيا والمتعارضة واقعيا مع معيار الانسانية، وأهم نقاطه تحقيق وتجسيد العدالة والمساواة بين أبناء آدم، واعتبار دماء الأبرياء خطا أحمر، غير مسموح لأحد تجاوزه، حيث تسقط المبررات والذرائع والتشريعات كافة، حتى لو كانت مغلفة بالقداسة، فالمقدسات في الأصل حضارية، والحضارة مبادئ وقيم مقدسة تتبناها كل شعوب وأمم الأرض، لذلك لا يمكن لأحد اختراقها، لتمرير وشرعنة وتبرير الجريمة ضد الانسانية، ويجب فحص مدى التحريف والتزوير في مقدسات كل من يحاول، وينطبق الأمر على الديمقراطية.

قرار المحكمة الجنائية الدولية اشارة للضمائر الانسانية، للشعوب التي أسست على قواعدها الأخلاقية دولا حضارية وديمقراطية، وإجازة منحتها أعلى سلطة قضائية في العالم، لبدء مسيرة التحرر من عقدة الاستثناء، التي استغلتها المنظمة الصهيونية بغطاء من دول استعمارية، على أساس معاناة ومآسي يهود اوروبا قبل وخلال الحرب العالمية الثانية، والعمل بإخلاص ونزاهة على تطبيق العدالة على مجرمي الحرب والمجرمين ضد الانسانية، المحميين بنظام دولة، اتخذت قوانين "معاداة السامية "لصد الشرعية الدولية عن تطبيق ارادتها وقوانينها بدون تمييز،  أو المحميين (بسلاح الفيتو) الذي تستخدمه منظومة استعمارية دولية، كتاج على آلاف أطنان الأسلحة النارية المدمرة، للذين ثبت ارتكابهم جرائم حرب، وبناء على ذلك اصدرت الجنائية الدولية مذكرات اعتقال لجلبهم للمثول أمام العدالة الدولية ..فاليوم نشهد أول اجراء من متطلبات محاكمة ومنظومة استعمارية عنصرية مستترة بالديمقراطية، أمام عدالة الأمم الحضارية حقا.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024