الشعب الفلسطيني لم يهزم.. حماس هزمت
نشر بتاريخ: 2024-12-10 الساعة: 12:52
باسم برهوم
الشعب الفلسطيني لم يتخذ قرار "الطوفان"، ولا قيادته الشرعية هي من اتخذ القرار، إنه فصيل بمفرده ومن دون أن يشاور أحدا أو يأخذ رأي أحد، تصرف وحده وهو من يتحمل مسؤولية قراره وليس الشعب الفلسطيني، مغامرة غير محسوبة أدت الى كارثة وطنية ولكن لا يمكن أن تحسب هزيمة له إنما لحماس وحدها.
والمقصود هنا أن الشعب الفلسطيني يجب ألا يدفع الثمن خاصة من هم في قطاع غزة الذين كانوا في كل استطلاعات الرأي، وبالرغم من قمع أجهزة حماس، فإنهم كانوا باستمرار يعربون عن رفضهم لسلطة الأمر الواقع.
ومن المهم هنا أن نعود إلى جذر الأمور، فحماس سيطرت على قطاع غزة بقوة السلاح، بانقلاب عسكري، بالرغم أنها هي من كانت تترأس حكومة الوحدة الوطنية التي أقرها اتفاق مكة في شباط/ فبراير 2007، وبالتالي حماس منذ ذلك التاريخ خطفت قطاع غزة وخطفت قراره رغما عنه. ويمكن أن نتذكر أن حماس وكلما كانت تتأزم جماهيريا، أو أن تكون أطراف إقليمية بحاجة للاشتباك، وفي الغالب هي حاجة إخوانية، كانت حماس حاضرة، كي تستعيد شعبيتها وتجني الاموال من التبرعات ومن الدول الاقليمية الداعمة لها.
وربما نعود بالجذور الى ما هو أعمق، نعود للحظة تأسيس حماس خلال ذروة الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الاولى في نهاية العام 1987، اولا: تأسست حماس كحالة مختلفة عن كافة الفصائل الوطنية لمنظمة التحرير الفلسطينية، هم قالوا في ميثاقهم انهم متناقضون مع المنظمة، ولن يكونوا جزءا منها إلا إذا أصبحت المنظمة على شاكلتهم عقائديا، وثانيا: قال الميثاق إن حماس ذراع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، وبالتالي فإن انتماء حماس الأهم هو للجماعة، والدليل أن اسم حماس لم يتضمن أي إشارة إلى فلسطين أو ما هو وطني. أطلقوا على أنفسهم "حركة المقاومة الإسلامية" واختصارها حماس، في حين ليس هناك تنظيم فلسطيني وطني الا واسمه يؤكد انه إنما تأسس ونشأ من أجل تحرير فلسطين، مثل حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، او الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، او الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، او جبهة النضال الوطني الفلسطيني..الخ، أما حماس فقد حددت ان الأولوية هي لانتمائها لجماعة الاخوان المسلمين وحمل اسمها هذا المضمون وليس فيه أي تعبير وطني، ثالثا: لم تكن حماس في اي يوم جزءا من النضال الوطني الفلسطيني العام، وإنما بقيت تتصرف منفردة، لم تنضم للقيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، وبقيت تتصرف منفردة، تعلن الاضراب وحدها، وتتظاهر وحدها، ومنذ تأسيسها رفضت الانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية وبقيت ترفض الانضمام بحجج واهية.
وخلال حكمها المنفرد في قطاع غزة، لم تشرك حماس أحدا وبقيت هي وحدها تقرر إلى أن وصلت لقرار السابع من أكتوبر 2023 الذي اتخذته وحدها، وبالتالي فإن حماس وحدها من يتحمل مسؤولية قرارها وليس الشعب الفلسطيني، وهي التي هزمت وليس الشعب الفلسطيني. بل ان من حق الشعب الفلسطيني مساءلة حماس على مغامرتها غير المحسوبة، وإعادة تقييم دورها ومن ثم إعادتها للعمل الوطني بصيغة تؤكد انتماءها لفلسطين وليس لأي طرف خارجي.
هذا الأمر يدعونا لوضع دستور فلسطيني يرفض ان يكون أي من يعمل بالعمل العام له انتماء خارجي، وان يكون هناك قانون أحزاب يرفض ان يكون لأي حزب انتماء لأي طرف خارجي، سواء دولا أو جماعات.
ملخص الحديث ان الشعب الفلسطيني يجب ألا يدفع ثمن أفعال حماس، وألا يحاسب دوليا بفعلة حماس، او ان يقيم كشعب انطلاقا من مواقف حماس.
للشعب الفلسطيني قيادة شرعية معترف بها دوليا، ليست مسؤولة عن فعل حماس، بل العكس كانت على خلاف معها وخصوصا بما يتعلق بسيطرتها على قطاع غزة والانقسام وفصل القطاع عن باقي مناطق الدولة الفلسطينية، وكانت هذه القيادة ضد تفرد حماس في قراراتها.
انه من غير الإنصاف ان يعاقب الشعب الفلسطيني بجريرة قرارات حماس الخارجة عن الإجماع الوطني الفلسطيني، من يجعلنا نشعر بنوع من الاطمئنان ان العالم كان يتابع ويدرك ان قطاع غزة كان تحت سلطة الأمر الواقع وانه لا يتعامل مع أخطاء حماس بأنها خطأ يحاسب عليه الشعب الفلسطيني، والمهم اليوم هو ان تعيد حماس أولا تقييم تجربتها وتنظر إلى أن الخروج عن الصف الوطني والتفرد، او الارتهان لأجندات خارجية لن يحلب لا لها ولا للشعب الفلسطيني سوى الكارثة.
mat