الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ماذا بعد اغتصاب الضفة الغربية؟!

نشر بتاريخ: 2025-03-05 الساعة: 11:40


الكاتب: توفيق أبو شومر
هل سيكتفي أعضاءُ حكومة إسرائيل والمستوطنون المتطرفون باغتصاب الضفة الغربية؟ وهل سيكون ذلك ثمن الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب لإسرائيل وهو، (المالك الحصري لعقود ملكية أراضي العالم كله)! هل سيكتفي بتنفيذ هذا الاغتصاب؟
أم أن هناك خطة أخرى سوف تلي اغتصاب الضفة الغربية وترحيل معظم ساكنيها؟ وهل سيكون أهلنا الصامدون في أرضهم منذ عام 1948 هم الضحية التالية، انتبهوا؟!
الحقيقة هي أن الاستيطان الاحتلالي الإسرائيلي لأرضنا ليس خطة إسرائيلية أمنية سياسية صهيونية كما يدعي كثيرٌ من روادها، ولكن الاستيطان عند حكومة، نتنياهو وسموترتش وبن غفير ومعظم منسوبي هذه الحكومة فريضة دينية مقدسة: «كلَّ زوجةٍ لرجل يهودي ترفض الهجرة إلى أرض الميعاد يجب طلاقها من زوجها»! (من أقوال الحاخام، موشيه بن نحمان المتوفى في القرن الثالث عشر 1270م)
قال إسحق كوك كبير حاخامي حزب الصهيونية الدينية الاشكنازية وابن الحاخام الأكبر إبراهام كوك، وهو من أهم مفكري الصهيونية في فلسطين، قال في ذكرى الاحتفال بتأسيس إسرائيل: «إن معجزة تأسيس دولة لليهود الاستيطانية في أرض الميعاد، تشبه اليوم الذي تلقى فيه موسى ألواح الشريعة اليهودية»! (مجلة «هتسوفيه» الأصولية عام 1952 )
مَن يتابع أخبار قرية العراقيب في شمال بئر السبع، وهي قرية فلسطينية يملكها بدو فلسطين بعقود رسمية قبل الإعلان عن قيام إسرائيل، يدرك تماما أن مشروع التهجير لن يقتصر على غزة والضفة الغربية، بل سيَطال الصامدين في أرضهم منذ عام 1948، فقد هَدَمت الجرافاتُ الإسرائيلية هذه القرية حتى نهاية شهر تشرين الأول 2024م هدمتها 236 مرة، وما يزال أهلها يُعيدون بناءها من جديد، وهي القرية التي تستحق أن تُخلَّد في سجلات تاريخ النضال الفلسطيني، وفي سجلات تاريخ العالم باعتبارها علامة على النضال والكفاح!
كذلك فإن قانون برافر هو من أبشع قوانين الترحيل والنفي، هو قانون أقرته الكنيست عام 2013 ، ينص على تهجير أكثر من خمسين ألفاً من سكان قرى النقب، لأن هذه القرى غير مرخصة حكومياً، وينص على مصادرة 700 ألف دونم من أراضيهم بدعوى تحضيرهم! هذا القانون هو من أسوأ قوانين الترحيل في العالم أجمع!
إن إسرائيل ليست دولة عادية، ودولة ديموقراطية كما يزعم مؤسسوها وقادتها، بل دولة اغتصاب واستيطان بالدرجة الأولى، وهذا يبرز من خلال أقوال الإسرائيليين أنفسهم، وليس من أقوال الفلسطينيين!
إليكم اللقطة الأولى من أقوال الإسرائيليين أنفسهم عن الاستيطان: «يجوب المستوطنون المسلحون شوارع الضفة الغربية، في دوريات حراسة مسلحة، يريدون بسط سيطرتهم على السكان وإبعادهم عن أرضهم، الأَعلامُ التي يرفعونها هي أعلام جيش إنقاذ إسرائيل (عصابات الهاغاناه) يحملون أعلام مستوطنة بيت إيل، لم يعد الحديث يدور عن دولة تملك مستوطنات، بل عن مستوطنات تملك دولة» (من كتاب «المتدينون الجدد» للكاتب الإسرائيلي، يائير شيلغ إصدار مركز مدار 2002 ).
أما اللقطة الثانية، فإنها تؤكد حقيقة الاستيطان كفريضة دينية شرعية يهودية، جاء في صحيفة معاريف: «أصدرنا لسكان المستوطنات تعليمات تنصُّ على الالتزام بالنواة الصلبة للحركة الاستيطانية اليهودية وهي قيادة حركة الاستيطان المتمثلة في، حركة غوش إيمونيم (أي كتلة الإيمان الاستيطانية) عليكم، أيها المستوطنون أن تتذكروا بأنكم رسل التوراة، تخاطرون بأرواحكم للدفاع عن أرض إسرائيل، يجب أن تحملوا السلاح» (صحيفة معاريف من مقال لشالوم تسزنا، 15-12-2000)
اللقطة الثالثة: «استمرارا للتعصب الطويل، ظهرت شبيبة التلال، هؤلاء ترعرعوا في حركة غوش إيمونيم، إن أكثر مستوطنات غوش إيمونيم أُنشئت خطأ، مستغلة جبن وخوف الحكومات»! (مقال عضو الكنيست الأسبق، يوسي سريد أحد قيادي حزب ميرتس اليساري في صحيفة هآرتس 2002، بعنوان: (الفاشية اليهودية)
اللقطة الرابعة، لن أنسى ما قاله، إسحق رابين المقتول عام 1995 حين اغتاله المتطرف يغئال عامير الذي اعتبره المستوطنون بطلا توراتيا يهوديا، ليس سبب الاغتيال كما قال كثيرون: «اغتيل رابين لأنه وقَّع اتفاقية أوسلو، بل لأنه قال عن الاستيطان: «الاستيطان شبيهٌ بالسرطان في إسرائيل يجب علينا علاجه»!
لم تقتصر حركة الاستيطان على تيارات الأحزاب اليهودية بل طالتْ أيضا حركة المسيحانيين الصهيونيين وهم من أنصار الرئيس الأميركي الحالي، ويقف على رأس هؤلاء، السفير الأميركي، مايك هوكابي سفير الرئيس، دونالد ترامب الحالي في إسرائيل، وهوكابي قس أنجيلكاني يؤمن بأن عودة الماسيح لن تكون إلا بانتصار إسرائيل على محيطها كله لتصبح الدولة الكبرى، وهو من أنصار رفع شعار المسيحانيين الإنجيلكان، وهو: «سيبارك اللهُ كلَّ الذين يباركون إسرائيل وانتصاراتها»!» God Will Bless Those Who Bless Israel»
لن أنسى أيضا، القسيسة، باولا وايت التي أشرفت على ضم، دونالد ترامب إلى تيار المسيحانية الصهيونية، وهي التي حضرت حفل تنصيبه يوم 20-1-2025 ، وهي التي تؤمن بأن نجاح إسرائيل في استيطان أرض الميعاد ضروريٌ لعودة الماسيح المنتظر!
أخيراً تذكروا، أن عدد المستوطنين ممن يغتصبون أرضنا ويعيشون في الضفة الغربية سيبلغ قريبا مليون مستوطن، يغتصبون 195 مستوطنة بما في ذلك حوالي ثلاثمائة بؤرة استيطانية، كما أن مساحة منطقة سي هي 61% من مساحة الضفة الغربية، وهي ستكون الضحية الأولى لمشروع ضم الضفة الغربية، وهي تضم 87% من مصادر دخل السلطة الفلسطينية!

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025