الرئيسة/  مقالات وتحليلات

حتى لا تنطفئ نيران حرائقهم !

نشر بتاريخ: 2025-03-12 الساعة: 05:04

 

- موفق مطر


مرض خبيث نشرته جماعة الاخوان المسلمين منذ انشائها قبل حوالي مئة سنة، واستطاعت صنع دين مخترع جديد، من خلال نشر فيروساته (مفاهيمهم وتعاليمهم) عبر منابر وحلقات مساجد المسلمين، فألبسوا الباطل ثوب الحق ليمروا به نحو مقاصدهم، وحرفوا الحق، بما يتفق مع أهوائهم ورغباتهم السلطوية الجامحة للحكم في الدنيا، فأباحوا الكذب، وأعلوا مكانة الكذابين، وطوقوا الصدق والصادقين وحاصروهم بشبهات الردة والخروج على الدين والكفر والإلحاد، واستخدموا مصطلحات الخيانة ونقيضها الأمانة في معاملاتهم السياسية، بعد انكشاف وجوههم الحقيقية، وسقوط اقنعة (الجماعة الدعوية)، وانفراط مقولة: "إنها لله".

دُس فايروس هذا المرض في جسد فلسطين، حتى صار للجماعة فرع مسلح (حماس) يفرض أمراء الفرع مفاهيمهم وتعاليمهم بقوة السلاح، وهذا ما فعلوه منذ انقلابهم الدموي سنة 2007، واستيلائهم على قطاع غزة بقوة السلاح، وانقلابهم على القانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية، والمشروع الوطني الفلسطيني، والديمقراطية الفلسطينية، وعلى القيم الوطنية والأخلاقية والدينية حتى، فهم بعد تمكنهم من اغلبية مقاعد المجلس التشريعي، وبعد تكليفهم بتشكيل الحكومة، نزعوا قناع الخديعة والتضليل عن وجوههم بأيديهم، واندلقت احقادهم على الكل الوطني، وبانت كراهيتهم، ونواياهم المبيتة.

ومنذ ذلك الحين، تبين لكل عاقل، ماذا اعدوا خلال عشرين سنة سبقت الانقلاب، فاسم الجماعة كان مؤشرا قاطعا على انعدام اكتراثها بمصائر المجتمعات الانسانية التي نشأت بها، باحترافهم الكذب، والنفاق، وقدرتهم على اختلاق تأويلات وتفسيرات لا صلة لها بالمنطق، والحقائق والوقائع المادية، وظلوا يحرفون ويزورون معاني الكلمات حتى شوهوا منهج الوطنية، واستدرجوا الشبهات حول مبادئ وأهداف حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وابتدعوا حياة دينية وسياسية خاصة، مقطوعة عن جذور الثقافة الانسانية الوطنية العربية، وصمموا اخراجها في الوقت والمكان المناسبين فضربوا المصالح العليا للشعب الفلسطيني، الذي كان ضحية سياساتهم، وإصرارهم على وضع الحق الفلسطيني، في ايدي دول وقوى خارجية، وكغيرهم من الجماعات المستخدمة للدين، وأحزاب (قومجية) العروبة منهم براء، استغلوا الاحتلال والاستيطان العنصري الاسرائيلي، لتمكين وتثبيت مشروع جماعتهم المتناقض اصلا، مع مشروع الشعب الفلسطيني الوطني التحرري، إذ ليس في منهج الجماعة الاعتراف والإقرار بالهوية الوطنية، العربية والإنسانية، صممت خطاباتهم السياسية، وموهت بمظاهر ومصطلحات دينية خادعة، واشتركوا عن سابق تصميم وترصد في محاولات تفكيك منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بمساندة انظمة وقوى كانت ومازالت – رغم اختلاف مواقعها الجغرافية بالنسبة لحدود فلسطين، تسعى للاستحواذ على ورقة الحق الفلسطيني، لتقامر بها مع منظومة الاحتلال الاسرائيلي، وتساوم عليها مع الادارات الأميركية المتعاقبة.

أما ميدان تجاربهم فهو الشعب الفلسطيني، هنا في ارض الوطن، ومخيمات في دول الجوار العربي، حتى التجمعات الفلسطينية في دول العالم (المهاجرين والمغتربين) لم تسلم من أفعالهم، التي اقلها بث الشقاق بين أبناء الشعب الواحد، بسلاح التخوين والتكفير، والادعاء بالباطل على القادة والمناضلين الوطنيين، واصطناع اجسام موازية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بقصد الغاء الكيان السياسي الفلسطيني، ونسف فكرة الوطن المعنوي للشعب الفلسطيني، ما يسهل عليهم سرقة ورقة الحق الفلسطيني، وتسليمها لأسيادهم، الذين اتخمتهم الجماعة بمنحهم الانتصارات (الربانية والإلهية) حتى الابادة الدموية المدمرة الدائرة رحاها في قطاع غزة والضفة الفلسطينية منذ 7 اكتوبر 2023، فقد صنعوا منها انتصارا، أهداه رئيس سياسة حماس خليل الحية الى رئيس النظام الايراني، وهو نفسه الذي قال: "إن قطاع غزة منطقة منكوبة غير صالحة للحياة".

إنهم يسقطون الشعارات التي رفعوها بأيديهم، تحدثوا عن وحدة الساحات، لكنهم يكذبون انفسهم، باستماتتهم لبلوغ هدنة مع منظومة الاحتلال لمدة ما بين (10 الى 15 سنة) تضمن وجودهم كسلطة امر واقع في قطاع غزة، كما اقترحوا على المبعوث الأميركي، لكنهم بذات الوقت يطالبون بإشعال الضفة الفلسطينية، ويتبنون عمليات الطعن ويرحبون بها، وهم على يقين وعلم ومعرفة، بمآل ومصير مخيمات الضفة الفلسطينية المشابهة لمصير مخيمات قطاع غزة، وعشرات آلاف النازحين الذين دمر جيش الاحتلال مساكنهم في مخيم جنين ونور شمس في طولكرم، وكل ذلك بسبب مظاهر ومسميات مسلحة أنشئت في مخيمات معينة، للاستخدام ضد المؤسسة الأمنية الفلسطينية فقط، فكانت بمثابة الذريعة لمنظومة الاحتلال، للإجهاز على مخيم جنين برمزيته النضالية، ورمزية علاقته – كغيره من المخيمات - بقضية وحقوق اللاجئين الفلسطينيين .. أما تشكيلاتهم المسلحة فقد تبخرت! .

لقد سقط القناع، ولن يصدقهم احد، بعد انكشاف وجوههم، ومفاهيمهم، فهؤلاء لا يرون الشعب الفلسطيني إلا حطبا، يوقدونه في أتون مصالحهم الفئوية، حتى لا تنطفئ نيران حرائقهم المنتشرة هنا وهناك .

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025