مواطنو غزة ينشدون الخلاص في وطنهم
نشر بتاريخ: 2025-03-15 الساعة: 22:07
باسم برهوم
الأكثر إيلاما في كل ما جرى ويجري في قطاع غزة، ان المواطنين هم ضحية القرارات والسياسات الخاطئة لحماس، ولكونهم تحولوا الى وقود حرب إبادة جماعية مجرمة إسرائيلية، وصلت إلى حد ان تطرح فكرة إقتلاعهم من جذورهم. من المكان الذي لم يعرفوا غيره على امتداد أجيال. واليوم وبعد 15 شهرا من حرب الابادة، والقتل الجماعي، والتدمير الشامل، لا يزالون يتعرضون إلى حرب من طراز آخر، حرب التجوبع، قطع شريان الحياة عنهم، وإبقائهم تحت ضغط نفسي، ضغط خطط التهجير والحديث الذي يزداد بشأنه، المواطنين الفلسطينيين في غزة هم ضحية لصراع مستمر لاكثر من مئة عام، لكنهم اليوم يدفعون ثمن مغامرات حماس وإصرارها بان تكون عنوان الشعب الفلسطيني الممسك بقرار القضية الفلسطينية، على حساب هؤلاء المكلومين ليس، فقط في غزة بل ايضا في الضفة.
بالتأكيد ان جذر المشكلة واحد هو المشروع الصهيوني، الذي جاء إلى فلسطين مستعمرا، ومن في قطاع غزة، كما باقي الشعب الفلسطيني هم ضحايا هذا المشروع بالأساس، فغالبية المواطنين في غزة اليوم هجروا من مدنهم وقراهم خلال حرب العام 1948، ويمكن الاشارة إلى أن 66 بالمئة من سكان قطاع غزة لاجئين، وهناك 8 مخيمات للاجئين. بمعنى ان القطاع يمثل نموذجا للنكبة الفلسطينية. ولكن واقع القطاع تبدل منذ سيطرة حماس عليه بالقوة العسكرية في العام 2007، فمنذ ذلك التاريخ عاش قطاع غزة سبعة حروب كانت آخرها الطوفان والذي قاد إلى حرب الإبادة البشعة.
في العام 2005 أعاد جيش الاحتلال انتشاره حول القطاع وتم تدمير المستوطنات التي كانت هناك وسحب كل المستوطنين، وتم توقيع اتفاق بشأن معبر رفح بين مصر وإسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية والاتحاد الأوروبي، يضمن حق السفر بحرية للمواطنين الفلسطينيين، بوجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي. في ذلك الوقت استبشر الناس خيرا بخلاصهم من الاحتلال، واصبح الحديث يدور حول إعادة إفتتاح مطار غزة، وبناء ميناء ضخم، وكانت تطورات ملحوظة تجري للقطاع الصحي والتعليم وكل مناحي الحياة، تغير كل ذلك بعد العام 2007، ودخل القطاع من جديد في دوامة العنف والحروب.
والآن، وفي سياق وقف إطلاق النار والهدنة، وفي سياق المفاوضات لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس، يتم فرض حرب تجويع وحصار مشدد، وقبل ايام قطعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الكهرباء، والمياه العذبة شريحة. وليس معلوما متى ستنتهي هذه المأساة الإنسانية الفظيعة. ومنذ وقف إطلاق النار قتل جيش الاحتلال اكثر من 150 فلسطيني، ومئات الجرحى.
الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعيش في ظل عدة مستويات من التهديد، الاول تهديدات نتنياهو بالعودة للحرب بشكل اكثر وحشية، وتهديد التهجير القسري، وخطر الموت جوعا، والموت من الأمراض ونقص الأدوية. ثمن باهظ يدفعه الفلسطينيون في غزة، وحماس تعتقد انها منتصرة. لأن واشنطن فتحت معها قناة حوار مباشرة، فالهدف لدى حماس كان منذ تأسيسها ان تصل إلى هذه اللحظة التي تتحدث فيها الولايات المتحدة معها، كل هذه التضحيات التي دفعها المواطنين الفلسطينيين من دمهم واملاكهم ومقدراتهم في قطاع غزة، وفي الضفة، من أجل ان تجلس حماس أ مام مبعوثي الإدارة الاميركية، وتقدم لواشنطن كل التنازلات التي تريدها واكثر.
الغزيون لا يهمهم لمن تقدم حماس تنازلاتها، انما هم ينشدون الخلاص من الحروب العبثية، وهم يدركون ان بقاءهم على ارضهم وفي المكان الذي عاشوا فيه هم واجدادهم، مضمون اكثر بالخطة العربية التي وافق عليها كل العرب في قمة القاهرة الاخيرة، وهي الخطة التي تنهي الانقسام، وتعيد توحيد القطاع مع الضفة، وتمكين السلطة الفلسطينية صاحبة الولاية القانونية على أراضي الدولة الفلسطينية. خطة تنقل القطاع إلى عصر البناء والتنمية والسلام.. هذا ما ينشده الغزيون، ولكن السؤال ما الذي تنشده حماس؟؟
mat