الرئيسة/  مقالات وتحليلات

يطرحون الثوابت الوطنية كأوراق في نوادي القمار

نشر بتاريخ: 2025-03-15 الساعة: 22:07

 

 موفق مطر


لقد أدركنا مبكرا نوايا ساسة حماس، واستغلالهم للحق الفلسطيني، ودلتنا افعالهم على أن الدول العربية ضمن هدفهم المرسوم اصلا في معبد كهنة الاخوان المسلمين، فتسللوا ليتفاوضوا سرا مع الادارة الأميركية، لإحباط رؤية رئيس الشعب الفلسطيني محمود عباس ابو مازن، وعرقلة تنفيذ الخطة الفلسطينية المصرية العربية لإعمار غزة، وإفراغ قرارات (قمة فلسطين) الطارئة في القاهرة من مضمونها، فأظهروا احسن الانسجام مع اصحاب خطة التهجير القسري، و(التهجير الناعم) أي الطوعي، وتطوعوا صاغرين وقدموا تنازلات للمندوب الأميركي، فيما خص تسليم سلاحهم، وانسحابهم من المشهد السياسي، مقابل نيل الرضا، ونفترض في هذا السياق معرفتهم المسبقة باتجاهات الضغط على القيادة الفلسطينية، والدول العربية وتحديدا مصر والأردن، لثنيهم عن تقديم خطة عربية بديلة، للتهجير القسري، فارتضوا أن يكونوا حصان طروادة لاختراق قلعة الموقف الفلسطيني العربي، وبذلك يؤكدون للمرة الألف انعدام المسؤولية الوطنية في قاموس سياستهم، وكفرهم بمبدأ القرار الوطني المستقل، فسياستهم التي لا تتجاوز حيز (الأنا الشخصية والفئوية) استدرجت الابادة (أم النكبات) والدمار والموت المجاني، والنزوح والمعاناة والمآسي، واستغلت منظومة الاحتلال شعار وتطبيقات "وحدة الساحات" لتحتل أراضي جديدة في  لبنان وسوريا، رغم تقديراتنا أن خطة منظومة الاحتلال الاسرائيلي كانت جاهزة، وهدفها إعادة تشكيل الاحتلال والاستعمار لفلسطين كلها -وهذا ما يحدث في قطاع غزة والضفة الفلسطينية- وفرض تغييرات ديمغرافية (سكانية جغرافية) في الشقيقتين مصر والأردن، أما السابع من اكتوبر 2023، فكان ذريعة اسرائيل المنتظرة، لتنفيذ خطتها لتغيير الشرق الأوسط.

يعلم ساسة حماس استحالة تكوين موقف رسمي عربي موحد تجاه الحق الفلسطيني (القضية الفلسطينية) مادام الموقف الفلسطيني مخترقا، يبعثرونه وقتما يشاءون بقوة السلاح، وبإحكام قبضتهم على أكثر من مليوني مواطن فلسطيني في قطاع غزة، يقامرون ويغامرون بمصائرهم، لذلك لا يتورعون عن دخول دهاليز ومتاهات بلا نهاية، ومقصدهم تجديد الثقة التي منحهم اياها  جهاز الأمن الاسرائيلي الشاباك، من وراء ظهر حكومته سنة 1976، فضباط هذا الجهاز الكبار، قد اقتنعوا، بعد تسجيلهم حالة العدائية المطلقة لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، السائدة لدى ساسة حماس وانعكاساتها على قواعدهم، وأن ارتباط ساسة حماس بعواصم دول، وقوى تشبههم في الاقليم، ستمكن (اسرائيل) من ضرب هدفين بطلقة واحدة، الأول: ابقاء الحالة الفلسطينية في نقطة انعدام التوازن، والآخر: ضرب العمل العربي الرسمي المشترك، وتوليد انعكاسات وتداعيات بآثار سلبية، لا يمكن اصلاحها، فارتماء ساسة حماس في أحضان سادتهم في طهران، ذريعة مجانية تقدم لمنظومة الاحتلال والاستيطان العنصرية اسرائيل، في ظل تضخيمها المقصود لما يسمى (خطر ايران) على وجود اسرائيل، رغم معرفة العالم بأن التهديدات الايرانية ليست اكثر من جعجعة، يتقنها ساسة طهران باحتراف عالي المستوى.

أما الفائدة العائدة على دولة الاحتلال، فتكمن في تفكك العمق الاستراتيجي العربي للشعب الفلسطيني، ولقضية الأمة العربية المركزية، فساسة حماس ارتموا بأحضان ملالي طهران، في عز الصراع المذهبي والطائفي، وصراعات داخلية في بلاد عربية تركت الصراع الرئيس مع منظومة الاحتلال الاسرائيلي خارج المنظور، حتى صرنا نلاحظ تسارع وتيرة تنصل لدى شرائح شعبية، من قضية الأمة المركزية منذ رمي ساسة حماس ثقلهم في جبهة ملالي ايران (المذهبية)، وبرر المتنصلون مواقفهم بانحياز ساسة حماس لإيران، وتكسبهم شخصيا وفئويا من تعاطف ومساندة الشعوب العربية للقضية الفلسطينية، كل ذلك بعد أن منحتهم قناة الجزيرة، وامبراطورية اعلام جماعة الاخوان المسلمين، وهجا، جعلهم يتوهمون امكانية شطب منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لكنهم في الحقيقة فاقدون للأهلية والمسؤولية الوطنية، يستسهلون الخروج على القانون، ويطرحون الثوابت الفلسطينية على طاولة الكبار، كأوراق لعب على في نوادي القمار!

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025