الرئيسة/  مقالات وتحليلات

يا ساسة حماس... أغلقوا أبواب الجحيم بالعقلانية

نشر بتاريخ: 2025-03-21 الساعة: 01:55

 

الكاتب : موفق مطر


السحور المدمى، فجر الثلاثاء افظع من مجزرة، وصفحة ملف الابادة الجماعية الدموية، للشعب الفلسطيني والتهجير القسري، فالصهيونية الدينية في اسرائيل، عادت لتستكمل عملية تغيير ليس الشرق الأوسط وحسب، بل كل قواعد العلاقات بين الأمم والشعوب والدول في العالم، ولتدمر منارات القانون الدولي، والشرعية الأممية التي بعثت الأمل لدى الانسانية بإمكانية الوصول الى شواطئ الأمان والسلام، فهنا منظومة احتلال واستيطان استعماري عنصري تعشش في ادمغة ساستها وجنرالاتها فكرة افناء وجود الشعب الفلسطيني على ارض وطنه التاريخي والطبيعي، أما تنبؤات الضاربين بالودع والحجر على الرمل، حول دوافع نتنياهو الشخصية للتهرب من مصيره الشخصي والسياسي ومما ستقضي به المحاكم، فهذا ذر للرماد في العيون للتغطية على حقيقة المشروع الاستعماري الذي يتم استكماله في فلسطين التاريخية، ويشمل خريطة الوطن العربي، ابتداء من جيران فلسطين! ولا يجوز تبسيط الابادة الجماعية الدموية، والتدمير الشامل، واعتبارها مع عملية محو آثار قضية اللاجئين (مخيمات اللاجئين الفلسطينيين) في الضفة الفلسطينية، بعد تدمير مثيلاتها الأكبر في قطاع غزة، وتشريع قوانين في الكنيست الاسرائيلي لضم ارض دولة فلسطين المحتلة منذ سنة 1967، مجرد مناورة شخصية من نتنياهو.

استغلت منظومة الصهيونية الدينية ميزة الشخصية السياسية الجوفاء، باعتبارها السمة المميزة لساسة حماس، الذين ظنوا أنهم ورقة مهمة في نظر الادارة الأميركية الجديدة، بعد اجتماع سري مع مندوبها (بولر) اغدق عليهم بعده بالمديح، فكان هذا كافيا ليمنحهم تصلبا، وعنادا، وتصميما على نسف قرارات القمة العربية التي كان جوهرها الرؤية الفلسطينية التي قدمها الرئيس محمود عباس ابو مازن خلال (قمة فلسطين) في القاهرة قبل حوالي اسبوعين، فوقعوا في شرك المفاوضات المعدة بإحكام، والمموهة بدعاية اعلامية، التي فظنوا بسهولة الحركة في ثناياها، كتحركاتهم في الأنفاق التي حفروها بأيديهم "لحماية قياداتهم فقط" كما قال كبيرهم موسى ابو مرزوق، وزاد تصلبهم عندما سمعوا بنجاح العمل العربي المشترك في اقناع الرئيس ترامب بالتزحزح عن خطة التهجير القسري لمواطني غزة، والنظر بالخطة العربية كسبيل للحل، وتضاعف تصلبهم بعد اعلان مصر العربية موقفا عكس جوهر قرارات القمة والملخصة بضرورة أن تعود ولاية السلطة الوطنية الفلسطينية على قطاع غزة كسابق عهدها باعتبارها جزءا من الدولة الفلسطينية، وبعد أخبار عن محاولة عربية لإقناع الادارة الأميركية بالضغط على اسرائيل لثنيها عن رفض حكومة نتنياهو لولاية السلطة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية على قطاع غزة فيما يسمى (اليوم التالي)، وكذلك الحديث عن امكانية نشر قوات سلام دولية تنتشر في غزة والضفة الفلسطينية تمهد لاستقرار وأمن يفضي لانجاز استقلال الدولة الفلسطينية، وهذا كله أدى لتصلب حماس في ملف المفاوضات حول ملف الأسرى، دون ادنى وعي وإدراك للمتغيرات المستجدة، وأهمها اشتراك الادارة الأميركية ومنظومة اسرائيل بمنطق تثبيت المواقف بالقوة المميتة، وفتح ابواب الجحيم، وهذا ما كان فعلا في فجر الثلاثاء الماضي، أما خروج باسم نعيم عضو المكتب السياسي لحماس على قناة الجزيرة، عاكسا موقف حماس الحقيقي الرافض لقرارات القمة العربية، ومعتبرا امكانية عودة ولاية السلطة الفلسطينية من جديد على قطاع غزة وهما ومستحيلا، فلا أحسن منه اثبات ودليل على انعدام الحس والمسؤولية الوطنية لدى ساسة حماس، الذين يثبتون كل يوم خلو عقيدتهم السياسية من العقلانية والواقعية، وهذا امر بديهي لدى فاقدي الأحاسيس والمشاعر الانسانية، إذ كان عليهم التقاط اللحظة، والتعامل بايجابية مع الرؤية الفلسطينية والخطة العربية لإعادة اعمار غزة، وسحب الذرائع، ونلفت النظر هنا الى تهديدات ويتكوف مبعوث الرئيس ترامب للشرق الأوسط عندما قال: "قادة حماس يعرفون الموعد النهائي الذي حددناه لتنفيذ طلباتنا".

 لا احد منا يطلب الخضوع والاستسلام كما يدعي ساسة حماس، وإنما بعضا يسيرا من العقلانية والواقعية، ونبذ التصرفات الخالية من المسؤولية، فشعبنا في قطاع غزة يدفع ثمن عقم ساسة حماس، وجهلهم السياسي، وانعدام امتلاكهم الشجاعة لأخذ القرار الأنسب لإيقاف حملة الابادة، فهم في الحقيقة يأخذون أكثر من مليوني مواطن فلسطيني بمثابة رهائن، ويشكلونهم كدروع بشرية لحماية جماعتهم، وكأن الحفاظ على حياة الأسرى الاسرائيليين يستحق فعلا مئتي الف شهيد وجريح وتحويل قطاع غزة الى اطلال وركام! وعليهم ان يعرفوا أن نفس الانسان الفلسطيني مقدسة في قيمنا الأخلاقية، كما قداسة كل نفس على وجه الأرض.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025