اسبانيا.. سانشيز .. برشلونة .. شكراً وأكثر
نشر بتاريخ: 2025-06-04 الساعة: 06:29
- موفق مطر
انحسار مستنقع ادعاءات ومفاهيم الصهيونية الدينية الاستعمارية العنصرية، أمر واقع حتما، فالتغير العقلاني الوجداني لمناخ الضمير الانساني العالمي، وتطور الأفكار والشرائع والقوانين التي من شأنها تقديس حياة الانسان، وضمان كرامته، وتطبيق مبدأ العدل والمساواة في رؤية القضايا الانسانية، سيؤدي لانكشاف وجفاف قاعه، ولا يبقى من آثاره إلا الشقوق والانكسارات العميقة، وفي المقابل يتوسع مد الرواية الفلسطينية ( الحق )، فيكتشف المنتصرون لإنسانيتهم في هذا العالم، الخط الفاصل مابين الحقيقة التاريخية الحضارية، التي يجسدها الشعب الفلسطيني على ارض وطنه فلسطين، وبين الطارئ العنصري أصلاً، المتصادم دائما مع السلام، وسيدركون أن العالم كان ضحية خداع تاريخي وتضليل وتزوير ثقافي، وأن جرائم الحرب، والجرائم ضد الانسانية، والإبادة، والتهجير القسري، والتجويع، والمجازر، والاحتلال، والاستيطان، وتدمير القرى، واغتيال الأسرى بالإهمال الطبي يرتكبها المتخمون بالتعاليم التلمودية العنصرية، ومنهم وزراء وجنرالات ونواب وحاخامات، يصرون على تجسيد المعنى الأصيل للهمجية البشرية !..
اتخذت قوى الصهيونية العالمية " معاداة السامية " سلاحا، وصوبته نحو رؤوس اصحاب الضمائر الحرة، بقصد إرهابهم، ومنعهم من التفكير بالرواية الفلسطينية، أو الاقتراب لاستطلاع حقائقها الزمانية والمكانية، لكن شعوبا حرة في العالم – منذ عقود – دأبت على ابراز شجاعة متميزة، في مواجهة هذا السلاح، انطلاقا من بوابة فلسطين، ما يعني التصديق على اعتقادنا بأن انتصار الشعب الفلسطيني، وتحقيق شعار "فلسطين حرة" سيكون بداية انكسار المشروع الصهيوني الاستعماري، وتحرر شعوب اوروبا من هيمنة وتسلط المنظمة الصهيونية، بذريعة " معاداة السامية " بعد أن عاثت فيها فسادا، واستغلت " المشكلة اليهودية " في القارة وانخراط قادتها في مؤامرات سرية لتأجيجها.
قبل بضعة ايام، اعلنت بلدية برشلونة قطع علاقتها المؤسسية مع ( اسرائيل ) وتعليق اتفاقية التوأمة المبرمة في 24 ايلول من سنة 1998 مع تل ابيب، ونرى في هذا القرار اهمية استثنائية، باعتباره انعكاسا لمواقف شعبية، تختلف قليلا عن لغة المصالح الناظمة للعلاقة بين أي دولتين، وهنا لابد من ذكر الموقف المميز لحكومة اسبانيا تجاه الحق الفلسطيني، الذي استحق الاشادة من القيادة الفلسطينية، بعد اعترافها ومعها النرويج وايرلندا بدولة فلسطين في أيار من السنة الماضية، وتسليط الضوء على وصف رئيس الحكومة الاسبانية بيدرو سانشيز اسرائيل بـ "دولة الابادة"، ما يعني بدء تحرر اوروبا من هيمنة مصطلح "معاداة السامية" حيث تزامن قرار بلدية برشلونة، مع تهديدات صدرت عن دول في الاتحاد الأوروبي باتخاذ اجراءات عقابية ضد حكومة اسرائيل، وتعليق الشراكة التجارية، بسبب استمرار الابادة والتدمير وسياسة الحصار والتجويع التي تشنها على اكثر من مليوني مواطن فلسطيني في قطاع غزة .
لا نقول لاسبانيا ورئيس حكومتها بيدرو سانشيز ولبلدية برشلونة شكرا وحسب، بل بوركت شجاعتكم، وقيمكم الانسانية، وقدرتكم على فك حصار "الصهيونية العالمية"عن صوت ضمائركم الانسانية، من اجل فلسطين الحرة .