الرئيسة/  عربية ودولية

ندوة عربية في عمان : الاحتلال الاسرائيلي هو الخطر المركزي والمصالحات العربية ضرورة قومية

نشر بتاريخ: 2018-11-25 الساعة: 09:56

عمان- القدس دوت كوم-أكد المتحدثون في ندوة "العالم العربي من الانقسامات إلى المصالحات" التي نظمها مركز دراسات الشرق الأوسط في العاصمة عمان اليوم السبت، ان الاحتلال الاسرائيلي ومشروعه التوسعي هو الخطر المركزي على الامة، مشددين على ضرورة حلّ الخلافات القائمة بين التيارات السياسية والفكرية الرئيسية في العالم العربي، وردّ الاعتبار للدولة الوطنية التي يجب أن يعاد بناؤها استناداً الى المواطنة وحقوق الإنسان والتبادل السلمي للسلطة.

كما أكد المشاركون في الندوة التي تستمر يومين وشارك فيها نحو ثمانين شخصية سياسية وأكاديمية من ست دول عربية، بينها فلسطين، وتضمنت تقديم 18 ورقة بحثية ومداخلة على ضرورة أن تستعيد النخب العربية زمام المبادرة والاتفاق على القواسم المشتركة بين الشعوب العربية وتحييد ما يفرقها، والانطلاق نحو تحقيق المشروع النهضوي الحضاري للأمة، ومواجهة المشروع التوسعي الاسرائيلي باعتباره الخطر المركزي.

وأشار المفكر العربي الدكتور حسن نافعة إلى أن الإشكالية الحقيقية التي تواجه المجتمعات العربية لا تتعلق بعمق الخلافات القائمة فيما بينها أو في داخلها وإنما في عجزها عن التوصل إلى آلية مناسبة لإدارة هذه الخلافات بطريقة تضمن عدم تحولها إلى انقسامات تستعصي على الحل، معتبراً أن ما ينقص المجتمعات العربية هو غياب الدولة المدنية الحديثة التي تعتمد مفاهيم المواطنة وحقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة.

وأكد نافعة على ضرورة بحث الأسباب التي حالت حتى الآن دون تمكن المجتمعات العربية المختلفة من إقامة دول حديثة قادرة على تحقيق الأمن والتنمية وعدالة التوزيع، والتداول السلمي للسلطة، مشيراً إلى أن الاختلافات القائمة بين التيارات السياسية والفكرية الرئيسية في العالم العربي تدور في المقام الأول حول قضية الهوية وتمسها بشكل مباشر.

كما أكد نافعة أن السنوات القليلة التي سبقت اندلاع الثورات العربية شهدت محاولات جادة لإجراء مصالحات تاريخية بين التيارات السياسية، خاصة بين التيارين القومي والإسلامي، معتبراً أن عجز الحركات التي توحدت في مواجهة الاستبداد عن الاتفاق على قواسم مشتركة تسمح بتأسيس نظم سياسية أكثر ديمقراطية وأقل استبداداً من النظم التي تمكنت من إسقاط رؤوسها هو الذي مهّد الطريق أمام اندلاع ثورات مضادّة سرعان ما تحول بعضها إلى حروب أهلية دموية.

من جهته، أكد الدكتور مصطفى عثمان، ممثل السودان في الأمم المتحدة ووزير الخارجية السوداني الأسبق، أن ضعف النظام الإقليمي العربي والتجاذبات والانقسامات بين وحداته ساهم في تعاظم الضغوط الدولية والتدخلات الأجنبية ووسّع من ظاهرة التبعية العربية للقوى الدولية الفاعلة والمسيطرة على النظام الدولي.

وشدّد عثمان على أنّ الدبلوماسية العربية تأثرت بحالة الانقسام العربي، سواءً على مستوى العلاقات العربية البينية، أو على مستوى خدمة القضية الفلسطينية (القضية المركزية للامة العربية) أو على مستوى المحافل الدولية إلى درجة القول بعدم وجود دبلوماسية عربية موحدة ذات أهداف مشتركة.

بدوره، اعتبر رئيس مجلس النقباء الأردني، نقيب أطباء الأسنان، الدكتور إبراهيم الطراونة، أن الأزمات العربية دخلت مرحلة غير مسبوقة من التعقيد والتشعب رغم ما لدى الأمة العربية من مقوّمات الوحدة وعناصر القوة ما لا تملكه قوميات أخرى في العالم.

وأكد الطراونة ضرورة أن تستعيد النخب العربية زمام المبادرة والاتفاق على تعظيم الجوامع المشتركة بين الشعوب العربية من أجل استعادة مكانة الأمة واستثمار ذلك لمواجهة المشروع الاسرائيلي وتحقيق مصالح القضية الفلسطينية في انهاء الاحتلال الاسرائيلي ومواجهة مشاريعه التوسعية المتناقضة مع مصالح الامة العربية.

وأكد رئيس مجلس النواب الاردني الأسبق، الدكتور عبد اللطيف عربيات، أن المصالحات الوطنية في البلاد العربية تحتاج إلى إرادة سياسية قوية من كل الأطراف الفاعلة.

ورأى عربيات أن حالة الفوضى السياسية التي غرقت بها العديد من الدول العربية حرفت دولاً عربية بارزة ومؤثرة عن دورها الإقليمي الفاعل، ما سمح بتقدم المشاريع المناوئة على حساب مشروع الأمة أيضاً.

واعتبر عربيات أن هذه المرحلة تتطلب أكثر من أي وقت مضى طيّ صفحة الخلاف والفرقة والانطلاق نحو تحقيق المشروع النهضوي الحضاري للأمة ومواجهة المشروع الاسرائيلي التوسعي.

من جهته، أشار مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، الدكتور بيان العمري، إلى أن هذه الندوة جاءت لتستكمل إطاراً فكرياً وسياسياً موحداً بدأه المركز منذ عام 2015 لتحقيق واقع عربي قومي ووطني قائم على التوافق والمصالحة، وملتئم بشراكات سياسية حقيقية، تؤسس لواقع عربي قادر على تجاوز العقبات والتغلب على التحديات ومنتصر لقضاياه المركزية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والتعاون العربي المشترك، ليكون للعالم العربي بأقطاره وشعوبه وقواه السياسية والاقتصادية والاجتماعية دور فاعل على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد العمري أن استمرار الواقع العربي على ما هو عليه سيُفقد الأمة العربية كثيراً من الحضور الإقليمي والدولي، وسيعزز تدخل الأطراف الإقليمية والدولية في سياساتنا وفرض أجندتها، ولا أدلّ على ذلك من استغلال الاحتلال الاسرائيلي لهذا الانقسام العربي، وهذا الاحتراب القومي والوطني على حدّ سواء، لتعزيز استيطانه وتثبيت أركانه في قلب وطننا.

وبحثت الجلسة الأولى للندوة الحالة الراهنة في العالم العربي واستراتيجيات تحقيق المصالحات، وترأسها رئيس الوزراء الأسبق الاردني الدكتور عدنان بدران، حيث قدّم اللواء الاردني المتقاعد والخبير استراتيجي محمود إرديسات ورقة بعنوان "التداعيات السياسية والأمنية لحالة الانقسام الراهنة في العالم العربي" ركّز فيها على أنّ العالم العربي يمُرّ بأزمات بنيوية مركّبة، تلقي بظلالها على الأنظمة والشعوب، وتطال آثارها الجوانب السياسية والاجتماعية والأمنية على المستوى القطري القومي.

وتطرق إرديسات إلى أبرز التداعيات والآثار السياسية الناجمة عن حالة الانقسام والخلاف على المستوى الوطني والقومي، ولخّصها في انكفاء العمل العربي المشترك لأيّ قضية عربية مشتركة، وعلى رأس هذه القضايا القضية المركزية الفلسطينية، وازدياد حالة الاستقطاب في العالم العربي لتشمل الدول الإقليمية كتركيا وإيران، وحتى إسرائيل بطريقة سرية، وافتقاد الدول العربية لايّ تأثير في الإقليم، واجتياح الاستقطاب المذهبي والإثني للعديد من المجتمعات العربية على ضوء الاستقطابات البينية العربية والإقليمية، وإسهام التوجهات الجهوية العربية على غرار مجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي بتجسيد هويّات مناطقية بعيدًا عن أمل الوحدة، وتغوّل الدول العظمى، وحتى الإقليمية على العالم العربي. وتراجع الحريات العامة، وتفرّد الأنظمة باتخاذ القرار، وتراجع التنمية الإقتصادية والبشرية في معظم الدول العربية.

وخلص الى انه لا مخرجَ من هذه الازمة الا ببناء دولة المواطنة على أسس المشاركة والديمقراطية، وصولًا إلى منظومة عربية فاعلة قادرة على بلورة مشروع عربي في مواجهة المشروع الاسرائيلي أولًا، ومشاريع الدول الإقليميّة ثانيًا، ومواجهة التدخل الخارجيّ ثالثًا.

وقدم الدكتور حامد قويسي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة لندن ورقة بعنوان "إطلاق الحوارات الوطنية والقومية في العالم العربي والتحديات التي تواجهها"، مؤكدًا ان حالة الانقسام والصراعات المشتعلة بين دول المنطقة العربية وداخلها تفرض ضرورة تحقيق رؤية واستراتيجية لاستعادة الدور الوطني والقومي لمواجهة المشروع الاسرائيلي.

khl
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025