الرئيسة/  مقالات وتحليلات

طريق أبو مازن إلى الدولة بمعركة العقل و"فلسفة الصبر"

نشر بتاريخ: 2025-02-06 الساعة: 19:07

 

 موفق مطر


"إن خطة نتنياهو العميقة هي محاولة جديدة  لتهجير الفلسطينيين مما تبقى من بلادهم.. إن هذا  الخطر ماثل للعيان.. لن نكرر مأساة 1948  لن نترك بلادنا.. لن نغادر ديارنا لن نهاجر.. لن نترك هذه الأرض.. لن نُقتَلَع ثانية مهما كان الثمن".

"إن بقاء الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه ومؤسساته، سيضع العالم امام احتمال لا مفر منه، وهو الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، وإجبار اسرائيل على إنهاء احتلالها لدولة فلسطين".

"تمر القضية الفلسطينية الآن في أخطر مراحلها، فإسرائيل تدرك أن عدد الفلسطينيين في الضفة وغزة  وفلسطين 1948  يكاد يساوي عدد اليهود الإسرائيليين، وبعد سنوات قد يتجاوز عددهم عدد اليهود".

"إن الحق سينتصر في النهاية.. حتى لو طال الزمن، وهل ثمة حق في التاريخ أسطع من الحق الفلسطيني في العودة الى الأرض المغتصبة وتقرير المصير فوق ترابها.. في الطريق الى الدولة يتجلى الصبر ويتحقق النصر بصمود وتضحيات شعب لن يقهر، وقيادة لا يلين لها قناة، دفاعا عن الحرية  والاستقلال وتقرير المصير".

الفقرات السابقة اقتبسناها، من كتاب الرئيس محمود عباس أبو مازن الجديد،  المطبوع العام الماضي 2024 بعنوان (فلسفة الصبر.. الطريق إلى الدولة).. فهذه الرؤى والتقديرات والمواقف، المنشورة في الكتاب، سابقة لحملة الإبادة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، بعدما أخذت حكومة نتنياهو عملية حماس في 7 أكتوبر 2023 ذريعة لإطلاقها، وبإمكان القارئ بتجرد، إلا من العقلانية وفكرة البحث عن الحقيقة، تبين صواب منهج ورؤية وسياسة القيادة الفلسطينية، وقدرة الرئيس أبو مازن على تحقيق إنجازات لصالح الشعب الفلسطيني، على درب الحرية والتحرر والاستقلال، وفق فلسفة خطتها وطبقتها قولا وفعلا، شخصية الرئيس الإنسان، رئيس السلام  أبو مازن -كما لقبناه نحن– وفخرنا أنه حظي بلقب (ملاك السلام) من البابا فرنسيس السادس أثناء استقباله لرئيس الشعب الفلسطيني، في حاضرة الفاتيكان.

نفهم مما سبق، أن جوهر منهج الرئيس أبو مازن قائم على أساس العمل بإخلاص، وصدق، وثبات على المبادئ والأهداف، وأن (ردة الفعل) ليست في قاموس عمله السياسي، الوطني والدولي، ولا يترك للمفاجأة منفذا للتسلل، فيسبقها بقراءة الاحتمالات، والظروف الواقعية، ولا يغض الطرف عن صغيرة أو كبيرة، ويستخلص بالمعرفة، ما يكفي لإنارة كل الزوايا المظلمة، وقراءة ما فيها من حق وباطل، ومكامن الظلم، ومواقع العدل، للتسلح بالقوة الأخلاقية، وأخلاق القوة الإنسانية العقلانية، لذلك وصفه الرئيس التونسي السابق الباجي قائد السبسي –رحمه الله-: "العقل عند الرئيس عباس أولا، قبل شجاعة الشجعان".. أما كريم بقرادوني، رئيس حزب الكتائب ووزير لبناني فقال: "أبو مازن رجل دولة، ورجل حل، العقل خياره منذ البداية".. فمعركة العقل التي يخوضها أبو مازن جعلته يكسب احترام الخصوم والأصدقاء معا.

أما الشفافية فيجسدها أبو مازن المناضل القائد، في كلمة  أمام المجلس المركزي الفلسطيني عام 1993، بصراحة غير معهودة عند السياسيين، إذ قال بعد تأكيده: "حق أي فلسطيني في معارضة اتفاقية أوسلو، شرط احترام الشرعية الفلسطينية التي تحترمها الأكثرية.. إن الاتفاق يحمل الأمرين معا، إما أن نقود ونوصل شعبنا الى الاستقلال، أو نوصله إلى تكريس الاحتلال، وهذا يتوقف على النهج  والأسلوب الذي سنتبعه في التعامل، وعلى عقليتنا في استعمال أدواتنا وتحضيرنا لأمورنا".

والسؤال الموجه لقيادات حماس الذين ينطقون بشعار الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، بعد 30 سنة من التخوين والتكفير، والتماهي مع حكومة نتنياهو، ومنحها الذرائع لمنع قيام الدولة الفلسطينية، السؤال: ألم تسمعوا حينها أبو مازن، ألم تقرأوا معاني كلمته التاريخية هذه؟! وليتهم سألوا الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة– طلال ناجي، الذي قال: "قد تختلف مع أبو مازن لكنك تحترمه، إنه صاحب رأي وموقف يجاهر به ولا يلف ولا يدور، ينطلق من قناعته التي تهدف لتحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني، وأنا متأكد أنه لم يكن يبحث عن مصالح شخصية".

رسخ الرئيس أبو مازن قواعد للعمل الوطني على رأسها: "يجب أن نحقق أهم الانجازات بأقل خسائر"، واستطاع بحكمته وإدارته الذكية للصراع نزع الذرائع، ونجح في كسب تأييد العالم الى جانب الحق الفلسطيني، وعزل السياسة الإسرائيلية، حتى أفقدهم عقلهم، فلم يجدوا لمواجهته إلا مقولة "الإرهاب الدبلوماسي" التي لا يقبلها عقل، ولا تخضع لمنطق، فالرئيس لم يمنحهم الذريعة لاستخدام قوتهم النارية المدمرة!.. فمعرفته وثقافته وشجاعته وصبره، وإخلاصه، وصدقه، ووفاؤه، جعلته يلخص الصراع، مع قوى استعمارية عالمية هدفها طمس وجود الشعب الفلسطيني وحقه في أرض وطنه التاريخي والطبيعي فلسطين، بجملة: "نكون أو لا نكون".. ويُسْمِع رؤساء العالم كافة، صوت الشعب الفلسطيني الذي نطقه الشاعر محمود درويش باسم الضمير الوطني: "واقفون هنا.. قاعدون هنا.. خالدون هنا. ولنا هدف واحد.. أن نكون .. وسنكون" .. فوطننا بأرضه وشعبه عظيم أيضا.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025