الرئيسة/  مقالات وتحليلات

عن المناضلة سلوى الحوت

نشر بتاريخ: 2025-04-17 الساعة: 03:36


الكاتب: فيحاء عبد الهادي
رحلت يوم 10 نيسان 2025 ابنة يافا الوفية، والمناضلة الصلبة؛ سلوى إبراهيم الحوت؛ لم يستطع قلبها أن يحتمل الإبادة الجماعية في غزة، والتطهير العرقي، وأدمى قلبها اقتراف المحتل الصهيوني الاستعماري المجازر ضد الشعب الفلسطيني، على امتداد فلسطين، واستهداف الأطفال بشكل خاص، الذين يشكلون أمل المستقبل في وطن حرّ «رحيل أطفالنا يدمي القلوب، ويحرق النفوس، ويشلّ الأعصاب، ولم يعد البكاء يجدي، ويحمي أطفالنا».
رحلت ذات القلب الكبير، والوطنية الصادقة، والحس النقدي العالي، التي عملت طيلة حياتها في خدمة أبناء شعبها، وناضلت منذ شبابها على الصعيد السياسي والنقابي والمهني بصدق نادر، وشفافية عالية، وإخلاص منقطع النظير.
انتصرت للمظلومين والضعفاء من أبناء شعبها، ولم تجامل أو تنافق مسؤولًا، ومن موقعها كمديرة عامة للصندوق القومي الفلسطيني، منذ عام 2022 في عمّان، وقبل ذلك بكثير، منذ عام 1964 تحديدًا، حين كانت متطوعة في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت، ثم متفرِّغة للعمل فيه، عام 1968، وبعد أن شغلت موقع معتمدة للصندوق القومي الفلسطيني عام 1969، وحتى الاجتياح الإسرائيلي للبنان، عام 1982، ومنذ انتقلت إلى العمل في الصندوق القومي عام 1990 في عمّان؛ عملت على تطبيق اللوائح الداخلية لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ وسيلة لإرساء دولة القانون ودولة المؤسسات، وناضلت ضد الفساد والرشوة والمحسوبية، وكان لها موقف نقدي واضح من كل ما تمرّ به القضية الفلسطينية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
شاركت في المؤتمر العام لاتحاد المرأة الفلسطينية في القدس عام 1965، وأصبحت عضوًا إداريًا بفرع الاتحاد في بيروت، الذي ركّز من بين نشاطاته العديدة، على العمل بين جماهير النساء، في المخيمات الفلسطينية.
انتخبت عضوًا في المجلس الوطني الفلسطيني عام 1983، وشاركت بحضور عدة دورات للمجلس الوطني كان آخرها الدورة التاسعة عشر في الجزائر، عام 1989 .
*****
ولدت سلوى الحوت عام 1939 في يافا، التي هاجر إليها جدها من بيروت؛ «سليم يوسف الحوت»، واستقرّ فيها. فجعت طفلة يوم الثاني من أيار 1948؛ باستشهاد شقيقها المناضل جمال، الذي كان قد بلغ الرابعة والعشرين من عمره، والذي كان رئيسًا لسريّة فدائيّة، دأبت على زراعة الألغام والعبوات على طريق المستوطنات الصهيونية، ثم فجعت بتهجيرها مع أفراد عائلتها إلى بيروت، في الثالث والعشرين من الشهر ذاته.
وعلى امتداد حياتها في بيروت ثم في عمان، ومنذ أيام الدراسة الثانوية والجامعية، وانتمائها إلى جبهة التحرير الفلسطينية، وحتى عملها متطوعة، ثم موظفة في منظمة التحرير الفلسطينية؛ نذرت سلوى الحوت حياتها لخدمة شعبها وقضيتها ووطنها.
انتمت في أوائل الستينيات - ومنذ بروز التحركات السياسية التي هدفت إلى إعادة الروح إلى الشخصية الوطنية الفلسطينية – إلى جبهة التحرير الفلسطينية (وهي غير التنظيم لذي يحمل حاليًا ذات الاسم)، التي كان شقيقها «شفيق الحوت»، مسؤولها الأول، وأحد مؤسِّسيها عام 1961 «كان نواتها الأولى مؤلفة من «خالد اليشرطي»، و»عبد المحسن أبو ميزر»، و»نقولا الدرّ»، و»سميرة عزام»، و»سعيد بركة»، و»راجي صهيون»، و»شفيق الحوت»، وآخرين» -. وتمّ حلّها عام 1969؛ بعد خمس سنوات من تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية؛ لإيمان مؤسّسيها بأهمية حلّ الفصائل الفلسطينية، ودمج قواعدها وكوادرها في إطار منظمة التحرير الفلسطينية؛ الكيان الجامع للشعب الفلسطيني، وممثله الشرعي والوحيد. ومنذ ذلك الحين بقيت المناضلة تعمل كمستقلة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، ومؤسّساتها.
ومن خلال عملها في صفوف جبهة التحرير الفلسطينية؛ شاركت «سلوى الحوت»، مع الأديبة «سميرة عزام»؛ المسؤولة الأولى عن الفرع النسائي داخل الجبهة، ومع «بيان نويهض الحوت»، و»تمام الأكحل»، و»ناجية حمود»، و»جاكلين انجليزيس»، و»سلمى الدباغ»، و»حليمة حوراني»، في تأسيس «لجنة كنزة المناضل»، في لبنان (1967 – 1975)؛ التي كانت أحد الأشكال التي أسندت فيها المرأة الفلسطينية في الشتات العمل الفدائي، بالتعاون مع المرأة اللبنانية، حيث حاكت المرأة الفلسطينية كنزات الفدائيين؛ بإيمان شديد بدور العمل الفدائي، في تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، وأرفقت الكنزات برسائل وجّهتها إليهم، وجمعت الأموال، ونظمت المسرحيات والمعارض الفنية لتمويل عملها، وشراء الكتب والثياب للفدائيين، كما اكّدت كل من د. بيان نويهض الحوت، والفنانة تمام الأكحل.
*****
ومع تطوّر المشاركة السياسية للنساء، منذ عام 1969، ومع ازدياد انتماء النساء إلى منظمات المقاومة الفلسطينية المسلحة، ومشاركتهن في العمل التنظيمي، وفي العمل السياسي والاجتماعي؛ شاركت سلوى الحوت في الدورات العسكرية التي كان جيش التحرير الفلسطيني ينظمها في لبنان، كما شهدت المناضلة «عذبة حسن خضر»، التي التحقت بجيش التحرير الفلسطيني عام 1969؛ حين تحدّثت عن الأدوار التي لعبتها المرأة الفلسطينية منذ 1965 – 1982:
«تدرَّبنا على الأسلحة، وعلى الرماية، وكيف نتصرف عندما يهاجمنا العدو، وكنا نشكِّل أثناء الليل حراسات دورية، كان الرجال هم المسؤولين، وكان معنا امرأة واحدة اسمها «سلوى الحوت»، كانت مسؤولة، وكانت الدورة مفيدة جدًا».
*****
وداعًا الغالية سلوى الحوت،
وداعًا المناضلة المبدئية، سوف نفتقدك جميعًا؛ عائلتك الصغيرة والكبيرة، وأصدقاؤك، وأسرة الصندوق القومي الفلسطيني، وعضوات الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وكوادر منظمة التحرير الفلسطينية، بمؤسّساتها، وكل من عرفك وتعامل معك، وسوف تستقرّ مسيرة كفاحك الوطني والإنساني، في ذاكرة شعبك الفلسطيني الوفيّ.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025