الرئيسة/  مقالات وتحليلات

منهج الحكومة.. العمل الصحيح قبل التصريح

نشر بتاريخ: 2025-05-11 الساعة: 00:56

منهج الحكومة.. العمل الصحيح قبل التصريح

- موفق مطر


"إن قطاع غزة منطقة مجاعة.. وهذه المجاعة ليست كارثة طبيعية، بل جريمة متعمدة بحق الانسانية، والصمت تجاهها شراكة في الجريمة.. فلا تتركوا أطفال غزة المحاصرين يموتون جوعًا.. ولا تسمحوا باستخدام الغذاء والماء أدوات للحرب والسيطرة..". كان هذا نداء رئيس الوزراء الدكتور محمد مصطفى في مؤتمر صحفي نهاية الاسبوع الماضي، مخاطبا ضمائر الشعوب الحية المؤمنة بقيم الحرية والعدالة والمساواة وحق الشعوب بالحياة الكريمة والاستقلال، وموجها لحكومات دول العالم المعنية بالانتصار للإنسانية، وحقوق الانسان السياسية والطبيعية، ونداء مركزا بالتحديد، ليسمعه من بأيديهم سلطات وصلاحية القرار في منظمات وهيئات الشرعية الدولية، والحقوقية العالمية الانسانية .

القانون الدولي يحمل القوة القائمة بالاحتلال (اسرائيل) المسئولية كاملة عن هذه الجريمة (الكارثة) ويلزم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بالتحرك وفقا لالتزاماتها بالقانون الدولي الإنساني، لتفعيل آليات المحاسبة  والمساءلة، والعمل على تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، بما فيها الفصل السابع، لإنهاء الحصار وضمان وصول المساعدات، لإنقاذ الأرواح، تمهيدا للتعافي وإعادة الاعمار.. لكن الحكومة الفلسطينية لم تقف عند حد اعلان قطاع غزة منطقة مجاعة، وإنما كانت سباقة –بحكم شرعيتها ومسؤوليتها الوطنية ومهامها– منذ انطلاق حملة الابادة الصهيونية على شعبنا في قطاع غزة والضفة الفلسطينية، لتشكيل (غرفة العمليات الحكومية للتدخلات الطارئة في قطاع غزة) وتضم 30 مؤسسة فلسطينية رسمية وأهلية ومؤسسة دولية مختصة بالإغاثة، كفريق في رام الله، يقابله فريق ميداني في قطاع غزة، لتنسيق الإغاثة والاستجابة العاجلة، وإنشاء مراكز إيواء مؤقتة، وفتح بعض الطرق الحيوية، وتقديم خدمات أساسية، بالتعاون مع مجموعة شركاء دوليين ومحليين.. ما يعني ان العمل والفعل الصحيح قد سبق الاعلان والتصريح، لكن حصار جيش الاحتلال المشدد على القطاع  منذ اكثر من 60 يوما أدى الى حقيقة أن 100% من المواطنين في القطاع يعانون من انعدام  الأمن الغذائي، وفقا لمعايير دولية، فالتجويع بات سلاحا قاتلا ببطء، الى جانب اسلحة (الابادة) الفتاكة، المدمرة لأشكال الحياة، لذلك ناشد د.مصطفى: برنامج الأغذية العالمي (WFP)، ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، واليونيسف، والشركاء في شبكة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، لتفعيل آلياتها فورا، للتعامل مع قطاع غزة كمنطقة مجاعة، وفقا للمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، ونصها: "للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدولي". ما يعني شرعية التدخل الدولي العاجل، لرفع القيود والحصار، وفقا للفصل السابع من الميثاق وعنوانه: "فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان ."

نركز الضوء في هذا المقال، على أحدث ما صدر عن اجتماعات الحكومة، كمثال وليس الحصر، لبيان منهج الصمود والعمل بإخلاص لتوفير مقوماته، لمواجهة امتدادات حملة الابادة الاسرائيلية على مدن ومخيمات في الضفة الفلسطينية، فقد اعلنت الحكومة في اجتماعها الاسبوع الماضي، التزامها بإعادة اعمار ما دمره جيش الاحتلال في مدينة جنين ومخيمها، ومدينة طولكرم ومخيميها، والمضي بإعداد وتنفيذ الخطط، وتسخير الإمكانيات كافة، بتعاون وثيق  مع أشقاء وأصدقاء شركاء، لتأمين الأموال اللازمة... وبالتوازي مع تأمين الايواء الكريم للنازحين من المخيمات، والمهجرين من بيوتهم المدمرة، خصصت الحكومة 5 ملايين شيقل إضافية، كدفعة إسعافية للعائلات النازحة،  و7 ملايين شيقل لأصحاب المنشآت المتضررة في جنين وطولكرم، وموازنات لإصلاح منازل، والبنية التحتية المتضررة بما يسهم في خلق فرص عمل لأبناء المخيم والعاطلين عن العمل.. وتعمل الوزارات حسب اختصاصاتها، حيث بلغت تدخلات الاغاثة والايواء 36 مليون شيقل خلال 6 أشهر مضت، والعمل جار على عقد اتفاقيات لتدخلات قريبة بقيمة 13 مليون شيقل، واستؤنفت العملية الدراسية في 33 مدرسة في جنين، وتم استيعاب أكثر من ألف طالب نازح من مدارس الأونروا في المدارس الحكومية، وخصصت دعمًا ماليًا لتنفيذ 4 مشاريع لمراكز ثقافية في جنين، زودت المستشفيات والمؤسسات الحيوية بـ14 مولداً كهربائياً. ودعمت حفر 50 بئر مياه وتوفير 37 منحة لمشاريع زراعية ناشئة، وتوفير خزانات مياه للمزارعين فضلاً عن إنشاء مختبر بيطري حديث، ودعم إقامة 8 كم من خطوط نقل المياه الزراعية... وكشف مستشار رئيس الوزراء للصناديق العربية والإسلامية، التالي: 900 ألف دولار لترميم منازل في مخيمي جنين والفارعة، ومليون دولار لمشاريع طرق داخلية وزراعية، و260 ألف دولار لحفر وتشغيل بئر ارتوازي في بلدية عجة، و1.3 مليون دولار لدعم 4 جمعيات، إضافة إلى 1.4 مليون دولار لمشاريع طرق داخلية لعشر هيئات محلية، و250 ألف دولار لترميم منازل في مخيم جنين، ومليون دولار لتوسعة مدارس في دير أبو ضعيف والفندقومية، و3.8 مليون دولار لتوسعة مستشفى جنين الحكومي، بالتزامن مع تسريع العمل على إنشاء المستشفى الهندي التخصصي في بلدة عرابة.

 قد تبدو سمة التقرير غالبة على  المقال، لكن لابد من الأرقام –رغم ظروف الحصار المالي على السلطة الوطنية الفلسطينية– لبيان مكانة الحياة الكريمة للإنسان الفلسطيني، في منهج الشرعية الوطنية الفلسطينية .

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025