الرئيسة/  ثقافة

فرقة العاشقين... "الثورة تغني والفن يقاوم"

نشر بتاريخ: 2020-01-27 الساعة: 14:22

قلقيلية-وفا-شاركت الأغنية الشعبية والوطنية والسياسية على مر الأزمان في تجسيد صور المعاناة التي تعصف بوطننا.

وساهمت الأغنية الشعبية الفلسطينية بشكل عام، بحسب ما يؤكده مدير عام مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق ناهض زقوت، "في توثيق الأحداث التاريخية التي مرت على وطننا، فالأغاني والأهازيج هي انعكاس للوضع السياسي والاجتماعي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني منذ العهد التركي مرورا بالاحتلال البريطاني وصولا إلى الاحتلال الإسرائيلي".

على هذا النحو، تطور مفهوم الأغنية الشعبية من أغنية شعبية مرتبطة بقضايا اجتماعية أو حالات رومانسية، إلى قضايا وطنية وسياسية، وظل الغناء كما يقول زقوت، فعلا حيويا محرضا على المقاومة في الروح الفلسطينية.

انطلاقا من هذه الرؤية، يتناول كتاب ("فرقة العاشقين.. لفلسطين نغنّي" تاريخ الأغنية الشعبية المقاومة، وكيف أصبحت الأغنية سلاحا لا يقل عن سلاح المعركة.

'العاشقين، هي تجربة جذّابة للمنصّة والجمهور، حملت في ثناياها الهمّ الفلسطينيّ الجمعيّ وجرح الوطن النازف. رسمت في فضاء الكون أملًا، وفي خيال الشعب ثورة وحرّيّة. وهي تجربة واقعيّة تستحقّ أن تؤرّخ"، هذا ما يؤكده الشاعر الراحل أحمد دحبور في شهادته التي جاءت في كتاب "فرقة العاشقين... لفلسطين نغنّي"، وهو الشاعر الذي كان قد كتب معظم كلمات أغاني العاشقين التي رافقت مسيرة الثورة الفلسطينيّة ووثّقت تفاصيلها.

ولقد شعر المحتل الإسرائيلي بخطورة الكلمة المغناة وفعلها المقاوم في نفوس الجماهير، فاعتقل الشعراء، واغتال الكتاب: غسان كنفاني، وكمال ناصر، وماجد أبو شرار، وراشد حسين، وناجي العلي، وعبد الرحيم محمود، وغيرهم، لأنهم صدحوا بكلمة المقاومة ونشروا ثقافة المقاومة. ومن قبلهم اغتال الاحتلال البريطاني نوح إبراهيم شاعر ثورة الـ36 ومحرضها على الفعل المقاوم.

هكذا، مثلما قاومت فلسطين بالبندقية، والعلم والقلم، قاومت بالغناء أيضا، فكانت فرقة العاشقين مثالا لتلك المقاومة، منذ وجودها في أواخر السبعينات من القرن الماضي، ففي الشتات الفلسطيني بدمشق بدأت واستمرت إلى اليوم، حاملة في ثناياها هم الكل الفلسطيني، وجرحا لوطن جريح.

ولعل توثيق تجربة الفرقة في الذاكرة الفلسطينية، ودراسة مراحلها التاريخية الصعبة والتعلم منها، لتبقى مرجعا للقادم من الأجيال، هو ما دفع الكاتبين، فاطمة غرابة، وعبد القادر خطاب، بتأليف كتاب عن الفرقة.

وبين الكاتب خطاب لـ"وفا"، أن الكتاب يقع في (350) صفحة، ومقسم الى أربعة فصول، الأول بعنوان "بداية التباشير" ويتحدث عن أغنية الأرض والثورة، وتاريخ التراث الفلسطيني الفلكلوري، وفصل "فرقة العاشقين" ويروي تاريخ ومسيرة الفرقة والعقبات التي واجهتها، والاحتفالات العربية والدولية التي شاركت فيها، والفصل الثالث جاء بعنوان "صوت العاشقين"، ويسرد الشعراء الذين غنت لهم الفرقة وسيرهم الذاتية، وفصلها الأخير "ديوان العاشقين" ويحتوي على الأداء والكلمات والالحان، التي تعتبر نواة الفرقة، ثم يضم شهادات لشخصيات عاصرت الفرقة وملحق للفرقة وصور.

ويضيف خطاب: "إن إعداد الكتاب استغرق عامين ونصف تقريباً من البحث والتحري والمقابلات الشخصية والهاتفية، فأجرينا مقابلات مع اعضاءالفريق ومنهم محمد هباش، وأحمد الناجي، وأحمد دحبور، ومحمد سعد ذياب، وبثينة منصور، إلى جانب الاطلاع على مراجع ومصادر كتبت عن الفرقة وتحدثت عن التراث الفلسطيني وتاريخه."

إن من أهم ما يميز الكتاب "توثيقه لألحان الفرقة عن طريق الرسم، وهي المرة الأولى التي يتم فيها ذلك بكتاب، ليتم حفظها وحمايتها من السرقة والعبث، وأما عن العقبات فهو عدم اتباع الفرقة لمؤسسة ومنظومة معينة تتكفل بها وببرنامجها، فكانت رهينة الظروف والأحداث السياسية، وفي الكثير من الأحيان يتم إلغاء وتأجيل اللقاءات نتيجة هذه الظروف" بحسب خطاب.

وتقول الكاتبة فاطمة غرابة: إن الكتاب انطلق من الأردن مكان طباعته، والأسبوع الماضي تم الاحتفال بإطلاق الكتاب في محافظة قلقيلية، وهو الآن في جميع المكتبات الفلسطينية، وسيتم الاحتفال بإطلاقه في كافة المحافظات.

وتضيف: "لاقت فكرة الكتاب ترحيبا واسعا، ليس فقط في فلسطين وحسب، بل في كثير من الدول ودور النشر التي أبدت استعدادها لنشره، ما يدل أن الفرقة كانت قد خلقت جمهورا لها من كافة المستويات السياسية والشعبية والوطنية، واستطاعت أن تشكل وعيا حقيقيا لدى الأجيال الجديدة، حتى وإن لم تعش تجربتها ولم تستمع اليها مباشرة، فغنوا لها واستمعوا إليها عبر الاسطوانات والأشرطة والفيديوهات، ووسائل الاتصال الحديثة الإعلامية والالكترونية، وجدير بذلك أن يوثق".

وتسترسل الكاتبة غرابة: "تأسست الفرقة بقرار من رئيس الدائرة الثقافية في منظمة التحرير الفلسطينية عبد الله الحوراني (عام 1977م)، وأضحت اليوم شكلا من أشكال المقاومة الشعبية ورمزا من رموز الثورة الفلسطينية، التي تحمل رسالة الوطن وتتغنى به، وهدفها الأساسي الحرية ونيل الاستقلال".

ويشير مدير الثقافة في قلقيلية أنور ريان، إلى أنه ينبغي أن يكون المجتمع الفلسطيني على وعي بالقيمة التاريخية لمثل هذا النوع من الوثائق ويسعى لحفظها وحمايتها من بطش الاحتلال وسرقته لها، مضيفا أنها تمثل تجربة ملهمة للشباب، وتشكل حافزا وقيما عند الناشئة من أبناء الوطن، من خلال بث التوعية القومية ومدهم بالطاقة والنشاط.

ويرى المحاضر في جامعة النجاح يحيى جبر، أن أهمية الكتاب تأتي في وقت أصبح فيه الفن أداة لقلب موازين الشعوب، فالفن قادر على إيصال رسالة الشعوب ومطالبهم بأكثر ما يلمس القلب من الأحاسيس والمشاعر عن طريق الموسيقى والكلمة، وكانت الفرقة رائدة بهذا وما زالت .

ويوافقه الرأي المحاضر في جامعة القدس المفتوحة في قلقيلية زاهر حنني، الذي قال: "لا أحد ينكر أن الفن في الوقت الحالي يلعب دورا بارزا في قضايا الشعوب، وأنه قادر على إحداث التغيير، وعلى الحكومات إدراك أهمية الفن الملتزم الهادف والعناية به، ليصبح مرجعا للأجيال القادمة، كما فعل الكاتبان، خطاب وغرابة".

khl
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024